المسح، وتفويت تلك الرخصة، وأما اليدان إذا أوجبنا وضعهما. ففي كشفهما قولان:

أحدهما: يجب لحديث خباب.

وأصحهما: لا يجب؛ لأن المقصود من السجود إظهار هيئة الخضوع، وغاية التواضع، وقد حصل ذلك بكشف الجبهة، وأيضاً فلأنه قد يشق ذلك عند شدة الحر والبرد، بخلاف الجبهة فإنها بارزة بكل حال، فإن أوجبنا الكشف، كفى كشف البعض من كل واحد منهما، كما ذكرنا في الجبهة.

الثالثة: إذا هوى من الاعتدال ووضع الجبهة وسائر أعضائه على الأرض، فَلِوَضْع أعالي أعضائه مع الأسافل. ثلاث هيئات:

حداها: أن تكون الأعالي أعلى، كما لو وضع رأسه على شيء مرتفع، وكان رأسه أعلى من حقوه فلا يجزئه ذلك؛ لأن اسم السجود لا يقع على هذه الهيئة، فصار كما لو أكب، ومد رجليه.

والثانية: أن تكون الأسافل أعلى، فهذه هيئة التنكس وهي المطلوبة، ومهما كان المكان مستوياً، فيكون الحقو أعلى لا محالة، وإن كان موضع الرأس مرتفعاً قليلاً فقد ترتفع أسافله، وتحصل هذه الهيئة أيضاً.

والثالثة: أن يتساوى الأعالي والأسافل؛ لارتفاع موضع الجبهة، وعدم رفعة الأسافل ففيها تردد للشيخ أبي محمد وغيره.

والأظهر: أنها غير مجزئة أيضاً؛ وهذا هو المذكور في الكتاب؛ وكذلك أورد صاحب "التهذيب" حيث قال: وحد السجود أن تكون أسافل بدنه أعلى من أعاليه، فلو تعذرت هذه الهيئة لمرض أو غيره فهل يجب وضع وسادة ونحوها ليضع الجبهة عليها؟ أم يكفي إنهاء الرأس إلى الحد الممكن من غير وضع الجبهة على شيء؟ فيه وجهان. وحكاهما في "النهاية".

أظهرهما: عند صاحب الكتاب: أنه يجب وضع شيء؛ ليضع الجبهة عليه؛ لأن الساجد يلزمه هيئة التنكس، ووضع الجبهة، فإذا تعذر أحد الأمرين يأتي بالثاني؛ محافظة على الواجب بقدر الإمكان.

والثاني: أنه لا يجب ذلك؛ لأن هيئة السجود فاتته، وإن وضع الجبهة على شيء فيكفيه الانحناء بالقدر الممكن، وهذا أشبه بكلام الأكثرين، ولا خلاف أنه لو عجز عن وضع الجبهة على الأرض، وقدر على وضعها على وسادة مع رعاية هيئة التنكس يلزمه ذلك، وإن عجز عن الانحناء أشار بالرأس، ثم بالطرف كما تقدم نظيره؛ هذا شرح مسائل الكتاب: أما ما يتعلق بألفاظه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015