خيار، وإن كانت معْسِرةً، فلها الخِيَار؛ لأنَّها لا تَصِلُ إلَى حقِّها من ماله، والمُعْسِر مُنْظَرٌ، وعلَى قياس هذه الصُّوَر، لو كان له عقار ونحْوهُ، لا يُرْغَب في شرائه، ينبغي أن يكون لها الخيارُ، ومَنْ عليه دُيُونٌ تسْتغرق مالَهُ، لا خيار لزوجته، حتى يُصْرَف ماله إلى الدُّيُون، ولو تَبرَّع متبرِّع بأداء النفقة عن المُعْسِر، لم يلزمُها القبول، ولها الخيار، كما لو كان له ديْنٌ على إنسانٍ، فَتَبَرَّع غيره بقضائه، لا يلزمُهُ قَبُولُه؛ وهذا لأنَّ فيه تحمُّل مِنَّةٍ من المتبرِّع، وحكَى القاضي ابن كج: أنه لا خيار لها والظاهر الأوَّل، ويجُوز أن يُوَجَّه الخلاف؛ بأن الفسخ لنُقْصان الزوج وتعيبه بخراب ذمته أو لتضرُّرها بتَعذُّر النفقة، كما وُجِّه بالمعنَيَيْنِ الخلاف فيما إذا كان الزوْجُ غائباً، وهو موسر وفي "التَّتمة": أنه لو كان بالنفقة ضامِن، ولم نُصحِّح ضمان النفقة فالضامن كالمتبرِّع، وإن صحَّحناه، فإن ضَمِن بإذْن الزوج، فلا خيار لها، والضامن في أداء النفقة ينزل منزلة الزوج، وإنْ ضَمِن بغير إذْنِهِ، فوجهان؛ لأنه كالمتبرِّع، لكن الحق ثابتٌ، والمطالبة متوجِّهة.

ولو أن المُوسِر كان لا يعطيها إلا نفقةَ المُعْسِر، فلا خيار لها؛ لأنَّهُ يكفي قواماً، والباقي يصير دَيْناً في ذمته.

الثانية: القُدْرة بالكسب كالقُدْرة بالمال، فلو كان يكسب كلَّ يومٍ قَدْر النفقة، فلا خيار؛ لأنَّ النفقة هكذا تجب، وليس علَيْه أن يَدَّخِر للمستقبل، ولو كان يَكْسِب في يوم ما يكفي لثلاثة أيام، ثم لا يكْتَسِب يومَيْنِ أو ثلاثاً، ثم يكتسب في يوم ما يَكْفِي للأيام الماضية، فلا خيار؛ لأنه ليس بمعسر، ولا تشق الاستدانة؛ لما ينفق من التأخير السِيَر، وكذلك الحُكْم في النساج الذي ينسج في الأسبوع ثوباً تَفِي أجرته بنفقة الأسبوع، حكاه صاحب "الحاوي" عن أبي إسْحَاقَ، وأورده كذلك صاحب "المهذب" و"التهذيب" لكن ذكَرْنا في المال الغائِب على مسافة القَصْر: أن لها الخِيَارَ، وقد يمكن إحْضَاره فيما دون أسبوع، والوجه التَّسْوِية (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015