أحدُهما: نَعَمْ؛ لأنَّ الاستحقاق زالَ بِعَارِضٍ من الخروج، فإذا زال العارض، عاد الاستحقاق.
وأظهرهما (?): لأنها خرجَتْ عن قبضته، فلا بد من تسليم وتسلم مستأنفَيْنِ، وهما لا يَحْصُلان بمجرَّد عَوْدِها إلى مسكنه؛ فعلى هذا يرفع الأمر إلى القاضي؛ ليقضي بطاعتها، ويُخْبِر الزوج بذلك، فإذا عاد إليها أو بَعَثَ إليها وكيله، واستأنف تسليمها، عادَتِ النفقة، وإن مضى زمانُ إمكَانِ العَوْد، ولم تَعُدْ، ولا بَعَثَ وكيله، تعود النفقة، وهذا كما ذكرنا في ابتداء التسليم في غيبة الزوج، ولو عاد الزَّوْج إليها أو بَعَثَ وكيله، واستأنف التَّسْلِيم، حَصَل الاستغناء عن الرَّفْع إلى القاضي وحكمه، ولو ارتدَّتِ المرأة، وسقطت نفقتها على ما بَيَّنَّا في آخر باب "نكاح المشركات"، فغاب الزوج، وعادت في العدة إلى الإِسلام، وهو غائب، فتعود النفقة بمجرَّد الإِسلام، وإن فُرِضَ، فيه خلاف، والفرق أن نفقة المرتدة قد سقطت؛ لردتها، فإذا عادت إلى الإِسلام، ارتفع المُسْقِط، فعمل الموجب عمله، والناشِزَة سَقَطَتْ نفقتها؛ لخروجها عن يد الزوج وطاعته، فإنما تَعُود، إذا عادت إلى قَبْضَته، وذلك لا يَحْصُل في غيبته، ولو خرَجَتِ المرأة: في غيبة الزوْج إلى بيت أبيها؛ لزيارةٍ أو عيادةٍ، لا على وجه النشوز، لم تَسْقُط نفقتها، قاله في "التهذيب" (?).
وقوله: "ولو خرجَت في حاجة الزوج" إلى قوله: "فقولان" يشمل من جهة اللفظ ما إذا كان الزَّوْج معها, وإذا لم يَكُنْ وقضيته إجراء القولين فيما إذا خَرَجَتْ في حاجة نَفْسِها، وإن كان الزَّوْج مَعَها، وكذلك رواه القاضي ابن كج عن أبي حَفْصِ ابْنِ الوَكِيلِ، والأكثرون قد فَصَّلوا كما سَبَقَ، وخصَّصوا القولَيْنِ بما إذا لم يكن الزَّوْج معها، والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: المَانَعُ الثَّانِي: الصِّغَرُ وإذَا زُوِّجَتْ صَغِيرَةٌ مِنْ بَالِغٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ إنْ قلنَا: تَجِبُ بِالعَقْدِ، وَإِنْ قُلْنا: تَجِبُ بِالتَّمْكِين فَلاَ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَالِغَةً مِنْ صَغِيرٍ فَقَوْلاَنِ مُرَتَّبانِ، وَأَوْلَى بِالوُجُوبِ لِأَنَّ المَانِعَ مِنْ جَانِبِهِ، وَقِيلَ: إنْ كانَتْ جَاهِلَةً بِصِغَرِهِ اسْتَحَقَّتْ