المَنْع من إبدال الأشرف بالأخس، وَلاَ يَسْقط حقُّها عن الأُدْم بأن لا تَأْكُلَهُ، وتقنع بالخبز كما لا يَسْقط حقُّها عن الطعام؛ بأن لا تأكل بعضه، وعلى الوجه المذكور في أن للزَّوْجِ أن يمنعها من إبدال الأشرف بالأخس له أن يمنعها من ترك التَّأَدُّم بطريق الأَوْلَى.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الوَاجِبُ الثَّالِثُ نَفَقَةُ الخَادِمَةِ لِمَنْ يَقْتَضِي مَنْصِبُهَا الخِدْمَةَ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ شِرَاءُ خَادِمَةٍ وَتَمْلِيكُهَا، وَلَكِنْ يَجِبُ الإِخْدَامُ بِاسْتِئجَارِ حُرَّةٍ أَوِ اسْتِخدَامِ مَمْلُوكَةٍ أَو الإِنْفَاقِ عَلَى جَارِيتَهَا، وَلِلْخَادِمَةِ مُدٌّ عَلَى المُعْسِرِ، وَمَنٌّ عَلَى المُوسِرِ وَلاَ مَزِيدَ وَهُوَ قَدْرُ كِفَايَتَهَا فِي الغَالِب، وَفِي اسْتِحْقَاقِهَا الأُدْمَ وَجْهَانِ، وَلَوْ خَدَمَتْ بنَفْسِهَا فَلَيْسَ (و) لَهَا نَفَقَةَ الخَادِمَةِ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَتَوَلَّى الخِدْمَةَ فِيمَا لاَ يُسْتَحْيَى مِنْهُ لِيخَفِّفَ عَنْ نَفسِهِ بَعْضِ مُؤْنَةِ الخَادِمَةِ، وَلَيْسَ لَهُ إِبْدَالُ خَادِمَتِهَا المأَلُوفَةِ إِلاَّ بِرِيبَةٍ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ سَائِرَ خَدَمَتِهَا سِوَى الوَاحِدَةِ إِذْ لَيْسَ عَلَيْهِ سُكْنَاهُنَّ، بَلْ لَهُ مَنْعُ أَبوَيْهَا مِنَ الدُّخُولِ، وَمَنْعُهَا مِنَ الخُرُوجِ لِلزِّيَارَةِ، وَالرَّقِيقَةُ المَنْكُوحَةُ الَّتِي تَخْدُمُ لِجَمَالِهَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الخَادِمِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: النساء صِنفان:
أحدهما: اللواتي لا يَخْدِمْنَ أنْفُسَهُن في عادة البلد، بل يكون لهن من يَخْدُمُهُن، فإذا كانت الزوجةُ منْهُنَّ وَجَبَ على الزوج إخْدَامُها (?)؛ لأنها من المعاشرة بالمعروف، وهو مأمور بالمعاشرة، وأشار المزني -رحمه الله- إلى اختلاف قَوْلٍ في وجوب الإخْدَام، وعلى ذلك جرى جَارُونَ، وأثبتوا الخِلاَفَ فيه على ما حكاه أبو الفَرَجِ السرخسيُّ وغيره، والجمهور قطَعُوا بالوجوب، وحملوا النُّصوص المُشْعوة بخلافه على ما إذا لم تكن الزوجةُ من هذا الصِّنْف، ولا فَرْق في وجوب الإخدام بيْن أن يكون الزوج موسراً أو معسراً حرّاً أو مكاتباً أو عَبْداً، والاعتبار بحال المرأة في بيت أبيها دون أن ترتفع بالانتقال إلى بَيْت زوجها، ويليق بحالها؛ بسبب الانتقال أن يكون لها خَادِمٌ، وكذلك هو في تعليقِ الشيْخِ أبي حامد، ولا يجب أكْثَرُ مِنْ خادِمٍ واحدٍ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد؛ لحصول الكفاية به، وقال مالك -رحمه الله-: إن كانت مِمَّنْ يخدم في بَيْت أبيها بخادِمَيْنِ أو أكثر، وجب إخدامها بذلك العدد ولا يلزمه تمليك جارية إياها،