وباب: في الرَّضاع الذي يطرأ على النكاح وأحكامه.

وباب: في النزاع.

الباب الأول: في أركانه، وهي ثلاثة: الذي ينفصل منه اللبن، وهو المُرْضِع، والذي يَتَّصل به، وهو: المُرْتَضِع، واللبن المتوسط المُنْفَصِل من هذا والمتَّصِل بذاك.

الأول: المرضع، وُيعْتبر فيه ثلاثة قيود:

أحدها: كونه امرأةً، فلبن البهيمة لا يتعلَّق به تحريم، حتى إذا شرب منْه صغيرَانِ، لم يثبت بينهما أخوَّة، ولم تحرم الأنْثَى منهما على الذكر؛ لأنَّ الأخوَّة فرع الأمومة، ومنْها ينتشر تحريم الرضاع، فإذا لم تثبت الأمومة التي هي الأصل، لا تثبت الأُخُوَّة، وأيضاً فلبن البهيمة لا يصلح غذاءً للطفل صلاحِيَةَ لَبَنِ الآدميات، فلا يشاركها في التحريم، ويروى عن مالك أنَّه يتعلَّق به التحريم، ولم يصحِّحوا الرواية, ولو دُرَّ لرجل لَبَنٌ، لم يتعلَّق به التحريم (?)، واللبن من أثر الولادة، والولادةُ تختص بالنساء، وأيضاً، فإنَّه لم يُخْلَق لغذاء المولود، فلم يتعلَّق به التحريم [كسائر المائعات، عن الكرابيسي من أصحابنا: أنه يتعلَّق به التحريم،] (?) والخنثى المُشْكِلُ إذا دُرَّ لبنه، فعن أبي إسحاق -رحمه الله-: أنَّه يُعْرَض على القوابل (?)، فإن قلْنَ: مثْلُ هذا اللبن لا يكون إلا للنِّسَاء؛ لغَزَارته، حُكِمَ بأنوثته، وعن ابن أبي هريرة: أنه يستدل باللَّبن علي الأنوثة عند فقْد سائر الأمارات، وظاهر المذْهَب: أن اللبن لا يقتضي الأنوثة، وقد أشَرْنا إلى الخلاف فيه وفي كتاب الظِّهار، وإذا قلنَا بالظاهر، فلو أرضع بلبنه صغيراً، توقَّف التحريم على تبيُّن حاله، فإن بأن أنه أنثَى، تعلَّق به التحريم، وإلا، فلا.

والثاني: أن تكُونَ المرأة حيَّة، فلو حلب لبن المرأة بعد موتها، وأوجر الصبيُّ أو ارتضع من ثَدْي ميتة، لم يتعلَّق به التحريم خلافاً لأبي حنيفة، ومالك، وأحمد -رحمهم الله- واحتج الأصحابُ بأنَّه لبَنٌ حرامٌ قبل انفصاله، فلم يتعلَّق به التحريم، كاللبن المنفصل من الرجُل، وبأن اللبن ضعُفَت حرمته بمَوْت الأصْل؛ ألا ترى أنه تسقط حرمة الأعضاء بالمَوْت حتى لا يجب الضمان بقَطْعها، وبأنها بعد الموت جثَّة منفكة عن الحِلِّ والحرمة، فصارت كجثة البهيمة، وبأن الحرمة المؤبَّدة تختصُّ ببدن الحي؛ ولذلك لا تثبت حرمة المصاهرة بوطء الميتة، وبأنه لو وصل اللبن إلى جوف الصبيِّ الميِّت، لم تثبت الحرمة، فكذلك إذا انفصل منْها بعد موتها؛ قياساً لأحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015