لنا: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَأْمُرِ المُسِئَ صَلاتَهُ بِالذِّكْرِ فِيهِمَا" (?) ويجوز أن يعد في حد الأقل (?)، شيء آخر وهو أن لا يقصد بهويه غير الركوع. لأن صاحب "التهذيب" وغيره ذكروا أنه لو قرأ في صلاته آية سجدة، فهوى ليسجد للتلاوة ثم بدا له بعد ما بلغ حد الراكعين أن يركع لم يعتد بذلك عن الركوع. لأنه لم يقطع القيام لقصد الركوع. بل يجب عليه أن يعود إلى القيام، ثم يركع وسيأتي لهذا نظائر.
ولك أن تعلم قوله: (بحيث تنال راحتاه ركبتيه) [بالحاء؛ لأن] (?) القاضي ابن كج حكى عن أبي حنيفة أنه لا يعتبر ذلك ويكتفي بأصل الانحناء.
قال الغزالي: وَأَكْمَلُهُ أَنْ يَنْحَنِي بِحَيْثُ يَسْتَوِي ظَهْرُهُ وَعُنُقُهُ، وَينْصِبَ رُكْبَتَيهِ وَيَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَيْهِمَا، وَيُجَافِي الرَّجُلُ مِرْفَقَيهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلاَ يُجَاوِزُ فِي الانْحِنَاءِ الاسْتِوَاءَ، ويقُولُ: اللهُ أكْبَرُ رَافِعًا يَدَيْهِ عِنْدَ الْهَوِيَ مَمْدُوداً عَلَى قَوْلٍ، وَمَحْذُوفاً عَلَى قَوْلٍ كَيْلاَ يُغَيَّرَ المَعْنَى بالمَدِّ، وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلاَثاً، وَلاَ يَزِيدُ الإمَامُ عَلَى الثَّلاَثِ.
قال الرافعي: الكلام في أكمل الركوع يقع في جملتين:
إحداهما: في هيئته، وهي أن ينحني بحيث يستوي ظهره وعنقه، ويمدهما كالصفحة الواحدة، فلا تكون رأسه ورقبته أخفض من ظهره، ولا أعلى، يروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يُسَوِّي ظَهرَهُ فِي الرُّكُوعِ بِحَيْثُ لَوْ صُبَّ المَاءُ عَلَى ظَهْرِهِ لاَسْتَمْسَكَ" (?).
وروى أنه -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنِ التَّذْبِيح فِي الصَّلاَةِ" (?). وفي رواية: "نَهَى أَنْ يُذَبِّحَ الرَّجُلُ فِي الرُّكُوعِ كَمَا يُذَبِّحُ الْحِمَارِ".
والتَّذْبِيحُ: أن يبسط ظهره ويطأطئ رأسه، فتكون رأسه أشد إنحطاطاً من إليتيه، وهذا اللفظ يذكر بالدال، والذال. والأول أشهر، وينبغي للراكع أن ينصب ساقيه إلى الحقو، ولا يثني ركبتيه وهذا هو الذي أراده بقوله: (وينصب ركبتيه) ويستحب له وضع اليدين على الركبتين وأخذهما بهما، ويفرق بين أصابعه حينئذ ويوجههما نحو القبلة، روى أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يُمْسِكُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ كَالْقَابِضِ عَلَيْهِمَا".