واجبةٌ، واستبعد صاحبُ الكتاب الوجوب، وتردَّد في الاستحباب، والصورتان ملحقتان بما تقدَّم من أعذار الخروج.
وقولُهُ في الكتاب "وعليه ألا يخرجها من مِلْكه" أشار بقوله: "مِنْ مِلْكِهِ إلى أن المنزل قد يَكُون ملكاً للزوج، وقد يكون مستعاراً أو مستأجراً، وقد تكلم فيها من بعد، لكن الحُكم المذكور، وهو أن عليه أن لا يخرجها، لا تَخْتص بالمِلْك، بل لو كان مستأجراً، ولم تنقص مدة الإجارة، فكذلك لا يخرجها.
وقوله "إلا إذا كان نفيساً" يقتضي حصر الإخراج فيه، ومعلوم أن له أن يخرجها بسائر الأعذار، كما سبق، وَيحْسُن أن تحمل "إلا" على "لكن". ويجعلى هذا استثناء منقطعاً، والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ يَجُوزُ لَهُ مُدَاخَلَةُ الدَّارُ لِأَجْلِ الخَلْوَةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ أَوِ امْرَأَةٌ يُحْتَشَمُ جَانِبُهَا* أَوْ مَعَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى* أَوْ جَارَيةٌ أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ* وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ رَجُلاَنِ بِامْرَأَةٍ* وَيَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ رَجُلٌ بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ* وَلَهُ الدُّخُولُ إِنْ كَانَتْ في حُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ المَرَافِقِ وَإِلاَّ لَمْ يَجُزْ إِلاَّ مَعَ مَحْرَمٍ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لا يجوز مساكنة المعتدَّة في الدَّار التي تعتدُّ فيها، ولا المداخلة لما يَقَع فيهما من الخَلْوةِ، والخَلوةُ بالمعتدة كهي بالأجنبية، فقد اشتهر عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" ويستثنى موضعان؛ لفقدان المحرم فيهما:
أحدهما: أن يكون في الدار مَحْرَمٌ لها من الرجال، أو مَحْرَمٌ له من النساء (?)، أو زوجةٌ أخْرَى أو جاريةٌ، ولا بد من المَحْرَم، ومَنْ في معناه من التمييز، ولا عبرة بالمجنون والصغير الذي لا يميز، واشترط الشافعيُّ -رضي الله عنه- البلوغَ، قال القاضي أبو الطيِّب: لأنَّ مَنْ لم يبْلُغ لا تكليف عليه، فلا يلزمه إنكار الفاحشة، وقال الشيخ أبو حامد: يكْفِي عنْدي حضُور المُرَاهِق والنِّسْوة الثقات، كالمحرم، وفيه وجْه آخر؛ وهو كالخلاف في أن المرأة إذا وجدت نسوةً ثقاتٍ يخْرجْن للحج، هل عليها أن تخرج مَعَهُنَّ؟ والظاهر وجوبه، وفي "البسيط" وغيره ذُكِر تردَّدٌ في أنه إذا كان في الدار أجنبيةٌ أو معتدَّة أخْرَى، هل يمنع حضورها الخَلْوة، وهو كخلاف سبَقَ في أن المرأة هل