أحدها: الأخْذ بهما، والفرق أن كونها في المنزل الثاني يشهد بصِدْقها، ويرجِّح جانبها على جانِب الورثة، وإن لم يترجَّح على جانِبِ الزَّوْج؛ لأن الواقعة تتعلَّق بهما، والوارث أجنبيٌّ عنها، فتكون الزوجة أعرف بما جرى.
والثاني: جعْلهما على قولَيْن نقلاً وتخريجاً.
والثالث: تنزيلهما على حالين، كما ذكرنا في الطريقة الأولى، والأولان من الطرق الثلاثة مذكوران في الكتاب، فهذان الطريقان في كيفية اختلاف النَّصِّ في المسألة، وفيها طريقة ثالثةٌ؛ وهي أنهما، إن اتفقا على جريان لفظ الانْتِقَال لغير الإقامة بأن قال: انتقلي إلى موضع كذا، أو قال اخرجي إلَيْه، وأقيمي به، وقال الزوج: ضمَمْت إليه للنُّزْهة أو شهراً أو نحوهما، فأنكرت الزوجة هذه الضميمة، فالقول قولها؛ لأن الأصل في هذه الضميمة العَدَمُ، وإن كان المتفق عليه الإذن في الخروج لا غير، وقال الزوج: أردتُّ النزهة، وقالت: بل أردتَّ النقلة؛ فالظاهر أن القول قولُه؛ لأنه أعْرَفُ بقصْده ونيته، وفيه وجْه أو قولٌ: أن القول قولها، والإذن في الخروج مطلقاً محمولٌ على الانتقال، وإن كان الاختِلافُ مع الوارث، فإن اتفقا على جريان لفْظِ الانتقال والإقامة، فهي المصدَّقة بطريق الأوْلَى وإن لم يتفقا إلا على الإذْن في الخروج، فكذلك تُصدَّق المرأة؛ لأنهما مختلفان في إرادة الزوْج وقصْدِه، وكل منهما أجنبيّ عن ضميره ويرجح (?) جانبها بأنها شاهدت الحال؛ فكان الخطاب مهماً، وكان أوْلَى بالتصديق، ومن قال بهذه (?) الطريقة، حمل نص "المختصر" على ما إذا كان الخلاف بينها وبين الورثة، أو على ما إذا كان بيْن الزوجين واتَّفقَا على جرَيَان لفْظ الانتقال، وادَّعَى الزوج زيادة (?) قيد.
ومنْهم مَنْ نسب المزنيَّ إلى السهو، والذي يميل الأصحاب على طبقاتهم إلى ترجيحه: تصْدِيقُ الزَّوْج، إذا كان الاختلاف بين الزوجين، وتصديقُها، إذا كان الاختلافُ بينها وبيْن وارثه، ويُحكَى ذلك عن أبي حنيفة، وابن سُرَيْج -رحمهما الله-، والحكم فيما إذا اتفقا على تلفظه بالانتقال كما بيَّنَّا في الطريقة الثالثة، ولم يذكر فيه خلافاً، لكن لفظ الانتقال ليس صريحاً في المعْنَى الذي يريده كسفر النقلة بل يقع موقع الذَّهَاب والسفر والخروج، فقضيَّته أن يقال: إذا ادَّعى أنه أراد به النزهة ونحوها، جاز، كما إذا ادعاها في لفظ الخُرُوج، وإن صدَّقناها في أنه لم يتلفَّظ بالزيادة التي يدعيها.
وقوله في الكتاب "ولو كانت في دار أخرى، فقالت: لا أنتقل؛ فإني انتقلْتُ