للجديد بما رُوِيَ عَن المغيرة بن شُعْبة -رحمه الله- أنَّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (?) قال: "إنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ تَتَربَّصُ حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ مَوْتِهِ أَوْ طَلاَقِهِا" (?) وعن علي -كرم الله وجهه- أنه قال "هَذِهِ امْرَأَةٌ ابْتُلِيَتْ فَلْتصْبِرْ" وبأنه لا يحكم بموته، مع انقطاع الخبر، في قِسْمة ماله وعِتْق أم ولده، فكذلك في فِرَاقِ زَوْجته، وبأن النكاح معلومٌ بيقين، فلا يُزَال إلا بيقين، وللقديم بأن عمر -رضي الله عنه- قَضَى بذلك، واشتهر من غَيْر إنكار، فَصَار مُجْمَعاً علَيه، وبأن للمرأة الخروج من النكاح بالجَبِّ والعُنَّة؛ لفوات الاستمتاعِ، وبالإعسار بالنفقة؛ لفوات المال، فَلأنْ تَخْرُج هاهنا، وقد اجتمع الضرران، كان أَوْلَى، وعن أبي حنيفة: أنها تصبر حتى يبلغ سنُّ الزوج مائةً وعشرين سنة، ثم تعتد عدَّة الوفاة وتنكح، وفي تعليق الشيخ أبي حامد: أن الرواية الصحيحة مثْل مذهبنا، وقوله في الكتاب "ومن اندرس خبر زوجها" تشمل المفقود في جَوْف البلد وفي السفر وفي القتال، وفيما إذا انكسرت سفينته، ولم يعلم حاله، فالحكم (?) في الكلِّ واحدٌ.

وقوله "فليس لها إلا الصبر إلى الموت" ويجوز، إعلامه بالميم والألف وبالحاء أيضاً؛ لما روينا [هـ].

وقوله "إلى الموت" يجوز أن يريد موتها، ولا يخفى أن المراد على هذا؛ إذا لم يَأْتها يقينُ موته ولا طلاقه، ويجوز أن يريد موته يعني تصبر إلى أن تَتَيَقَّنَ موته، وعلى هذا، فالمراد ما لم يَأتها يقين طلاقه.

وقوله "نعم، إن لَمْ يَتْرُكِ النَّفَقَة، فَلَهَا طَلَبُ الفَسْخِ بِسَبَبِهِ" ونقل في هذا الموضع، وهو مبيَّين في موضعه، لكنه لَمَّا حكم بانها تصبر، وفيه مشقة شديدة، وضررٌ ظاهرٌ، نبه على طريق الخلاص، وفيه مما تبين أن نفقتها تتوجَّه على الغائب، وذلك؛ لأنها ممكنة لا تقصير منها، ويمكن أن يُعْلَم قوله "فلها طلب الفسخ بِسَبَبِهِ" بعلامة من خالف عليه على ما سيأتي، إن شاء الله تعالى.

وقوله "وعلى القديم" يجوز أن يعلم بالواو؛ لأن بعضهم ذكر أن القديم في المسألة مرجوعٌ عنه غير معدودٍ من المذهب؛ وعلى ذلك جرى صاحب الكتاب في "الوسيط" وإن أمكن حَمْل انقطاع الخبر على شدة البُعْد والإيغال في الأسفار، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015