آيات من غيرها، ولا يجوز له العدول إلى الذكر؛ لأن القرآن بالقرآن أشبه، ولا يجوز أن ينقص عدد الآيات المأتي بها عن السبع وإن كانت طويلة؛ لأن عدد الآي مَرْعيٌّ فيها، قال الله تعالى: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} (?) "وَعَدَّهَا رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سَبْعَ آيَاتٍ" فيراعي هذا العدد في بدلها، وهل يشترط مع ذلك ألئلا تنقص حروفها عن حروف الفاتحة؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، ويكفي اعتبار الآيات كما لو فاته صوم يوم طويل يجوز قضاؤه في يوم قصير، ولا ينظر إلى الساعات.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه يشترط؛ لأنها معتبرة في الفاتحة، وقد أمكن اعتبارها في البدل فأشبهت الآيات. وهذان الوجهان في جملة الفاتحة مع جملة البدل، فلا يمتنع أن يجعل آيتين بدلاً عن آية.

وفي وجه: يجب أن تعدل حروف كل آية بآية من الفاتحة على الترتيب، وينبغي أن تكون مثلها، أو أطول منها، ويحكي هذا عن الشيخ أبي محمد، ثم إن أحسن سبع آيات متوالية بالشرط المذكور لم يجز العدول إلى المتفرقة، فإن المتوالية أشبه بالفاتحة، وإن لم يحسنها أتى بها متفرقة.

واستدرك إمام الحرمين فقال: لو كانت الآيات المفردة لا تفيد معنى منظوماً إذا قرأت وحدها، كقوله: "ثُمَّ نَظَرَ" (?) فيظهر أن لا نأمره بقراءة هذه الآيات المتفرقة، ونجعله كمن لا يحسن شيئاً من القرآن أصلاً [وإن] (?) كان ما يحسنه من القرآن دون السبع كآية أو آيتين، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يجب عليه أن يكرر حتى يبلغ قدر الفاتحة.

وأصحهما: أنه يقرأ ما يحسنه، ويأتي بالذكر للباقي، هذا كله إذا أحسن شيئاً من القرآن (?). أما إذا لم يحسن، فيجب عليه أن يأتي بالذكر كالتسبيح والتهليل، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: لا يلزمه الذكر ويقف ساكتاً بقدر القراءة، ولمالك حيث قال: لا يلزمه الذكر، ولا الوقوف بقدر القراءة.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُم إِلَى الصَّلاَةِ فَليَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ فَإِنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ فَلْيَحْمَد اللهَ وَلْيُكَبِّرْهُ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015