قَالَ: فَلاَ بَأْسَ" (?) وقد ذكرت ما قيل في الفرق بين الفاتحة وسائر الأركان، في فصل الترتيب في الوضوء.

إذا عرف ذلك فنقول: إن ترك الموالاة ناسياً، فالذي ذكره الجمهور ونقلوه عن نص الشافعي -رضي الله عنه-: إنه لا تنقطع الموالاة، وله أن يبني، وليس هذا تفريعاً على القول القديم في ترك الفاتحة ناسياً بل نقلوا ذلك مع القول بأنه إذا ترك الفاتحة ناسياً لم يعتد بالركعة، ومال إمام الحرمين، إلى أنه ينقطع الولاء بالنسيان إذا قلنا: النسيان ليس بعذر في ترك الفاتحة، حتى لا يجزئه ما أتى به، كما لو ترك الترتيب ناسياً، وتابعه الإمام الغزالي -رحمه الله- فجعل المسألة على التردد، واعترض إمام الحرمين -قدس الله روحه- على كلام الجمهور فقال: ترك الولاء إذا كان مما تختل به القراءة؛ فجريانه النسيان يجب أن يكون بمثابة ترك القراءة ناسياً حتى لا يعذر به، وللجمهور أن يقولوا: سلمت في هذا الاعتراض مقدمة مطلقة وهي أن ترك الولاء مما تختل به القراءة، وعندنا لا تختل به القراءة إلا عند التعمد، فإن قال: إذا اختلت به عند التعمد وجب أن تختل به عند النسيان، كما أن ترك القراءة من أصلها لا يفترق حكمه في الحالتين، فلهم أن يقولوا في الفرق: الموالاة هيئة من الكلمات تابعة لها، فإذا ترك القراءة فقد ترك التابع والمتبوع، وإذا ترك الموالاة فقد ترك التابع دون المتبوع، فلا يبعد أن يجعل النسيان عذرًا هاهنا ولا يجعل عذراً ثَم، ونظيره غسل الأعضاء في الوضوء، لا يحتمل تركها عمداً ولا سهواً، وترك الموالاة سهوًا يحتمل على الأظهر إن أوجبنا فيه الموالاة، وأما ما ذكره من ترك الترتيب ناسياً، فقد فرق الشيخ أبو محمد بينه وبين الموالاة؛ بأن أمر الموالاة أهون؛ ألا ترى أنه لو أخل المصلي بترتيب الأركان ناسياً فقدم السجود على الركوع لم يعتد بالسجود المقدم، ولو أخل بالموالاة بأن طَوَّلَ ركنًا قصيراً من الصلاة ناسياً لم يضر، واعتد بما أتى به، وكذلك لو ترك سجدة من الركعة الأولى أقيمت السجدة المأتي بها في الركعة الثانية مقامها وإن اختلت الموالاة؛ ولهذا يحتمل غير أفعال الصلاة في خلالها إذا كانت يسيرة كالخطوة وقتل الحية ونظائرهما، مع أنها تخل بصورة الموالاة، فلا يلزم من جعل النسيان عذرًا في أضعف المعتبرين جعله عذرًا في أقواهما، وقد حكى الإمام بعض هذا الفرق عن الشيخ، ولم يعترض عليه بأزيد مما سبق، وربما وجه النص المنقول في أن ترك الموالاة لا يضر بمسائل الموالاة ناسياً في الصلاة لتطويل الركن القصير ونحوه والله أعلم.

وينكشف لك من هذا الشرح ما هو السبب الداعي إلى إيراد المصنف مسألة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015