أي: لا يجزئه النصف الأخير، فأما النصف الأول فهل يجزئه ويبني عليه أم يلزمه الاستئناف؟ فيه التفصيل الذي ذكرناه.

ولو أخل بترتيب التشهد نظر إن غير تغيراً مبطلاً للمعنى، فليس ما جاء به محسوباً، وإن تعمده بطلت صلاته؛ لأنه أتى بكلام غير منظوم قصداً، وإن لم يبطل المعنى وكان كل واحد من المقدم والمؤخر مفيداً مفهوماً ففيه الطريقان المذكوران فيما إذا عكس لفظ السلام فقال: عليكم السلام، والأظهر الجواز؛ لأنه لا يتعلق بنظمة إعجاز.

وقوله: (ولو قدم آخر التشهد) يعني به هذه.

الحالة الثانية: وهي أن لا يغير المعنى، وإن كان اللفظ مطلقاً.

واعلم أن تغيير الترتيب على وجه يبطل المعنى كما يفرض في التشهد، يفرض في الفاتحة، فوجب أن يقال: ثم أيضاً إذا غير تغييراً مبطلاً للمعنى عمداً تبطل صلاته.

والثانية: الموالاة بين كلماتها، والاخلال بها على ضربين:

أحدهما: أن يكون الشخص عامداً فيه، فإن سكت في أثنائها نظر؛ إن طالت مدة السكوت وذلك بأن يشعر مثل ذلك السكوت بقطعه القراءة وإعراضه عنها، إما اختياراً أو لعائق فتبطل قراءته، ويلزمه الاستئناف، لأنه -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يُوَالِي فِي قِرَاءَتِهِ، وَقَدْ قَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (?).

وروى إمام الحرمين والمصنف في "الوسيط" وجهاً آخر عن العراقيين: إن ترك الموالاة بالسكوت الطويل عمداً لا يبطل القراءة؛ واعلم لهذا الوجه قوله: (وجب الاستئناف) بالواو، وإن قصرت مدة السكوت فلا يؤثر؛ لأن السكلوت [اليسير] (?) قد يكون لتنفس وسعال ونحوهما، فلا يشعر بقطع القراءة، ونظيره التفريق اليسير في الوضوء لا يؤثر وإن أوجبنا الموالاة فيه، وهذا إذا لم ينو مع السكوت قطع القراءة، فإن نواه والسكوت يسير ففيه وجهان -حكيا عن الحاوي-:

أحدهما: أنه لا تبطل القراءة أيضاً؛ لأن السكوت اليسير لا أثر له بمجرده، ولا للنية بمجردها، فلا يضر أنضمام أحدهما إلى الآخر.

وأصحهما: -وهو الذي ذكره المعظم-: أنها تبطل، ويجب الاستئناف لاقتران الفعل بنية القطع، وقد تؤثر النية مع الفعل فيما لا يؤثر فيه أحدهما؛ ألا ترى أن نية التعدي من المودع لا توجب كون الوديعة مضمونة عليه، وكذلك مجرد النقل من موضع إلى موضع، وإذا اقترنا صارت مضمونة عليه، وإنما لم تؤثر مجرد النية هاهنا بخلاف نية قطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015