لأنهما فَاسِقَان أو أحدُهما؛ فَلاَ يستحقان الإكْرَام، والخَبَر محْمُول على أن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان على المِنْبَر، وقَدْ تُحْمَلْ "على" "عند".

والثالث، وبه قال أبو إسحاق -رحمه الله-: إنْ كثر القَوْم، صَعِدَ ليراه النَّاس، وإلاَّ، لاعن عنْدَهُ، ولم يَصْعَد؛ لأنه لا حَاجَة إلَيْه وفي كتاب القاضي ابن كج طريقةٌ عن ابن أبي إسحاق قاطعةٌ بأنَّه يَصْعَد، وفي "التتمة": أنا إذا قلْنا إنَّه في المدينة يصعد (?) المنبر، فكذلك في سائر البلاد، وإن قلْنا: لا يصعد، فهل يُلاَعن عند المِنْبَر؟ فيه وجهان:

أحدهما: نَعَم، كالمدينة والثاني: أنَّه لا اختصاص في ذلِكَ المَوْضِع، بخلاف تلْك البُقْعَة في المتكلِّمين، فهي على ما وَرَد في (?) الخَبَر "رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاض الْجَنَّةِ" وهذا هو الوجْه الَّذي حكَيْناه في الفَصْل السابق، وإذا وقَفْتَ على ما نقلناه، وتأَمَّلْتَ قوله في الكتاب في الفَصْل المتقدِّم، "والمدينة بيْن المنبر والمَدْفن" عرَفت أن هَذا لا يستمر على قَوْلنا: إنه يصْعد المِنْبر، أما إذا قُلْنا: إنه لا يَصْعد، يلاعن عنْده، فليكن ممَّا يلي المدفن، فيكون بينهما، ويمكن؛ لذلك إعْلاَمُ قوله:. "بين المنبر والمدفن" بالواو.

وقوله هاهنا "وأن يكون على المنبر" قصد حكايته اللفظ المنقول في قصَّة العجلاني؛ وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (?) لاَعَنَ بيْن العجلانيِّ وامرأته على المِنْبَر، وأشار إلى الوجْهَيْن لاختلاف الأصحاب في معْنَاه.

ومنها إذا فرغ من الكلمات الأربع، وانْتَهَى إلى كلمة اللَّعن، بالغ القَاضِي في تخْوِيفه وتحذيره وأمر رجُلاً أن يضع يَدَه على فيه، فلَعَلَّه ينْزَجر ويمتنع، وقال له الحاكم أو صاحب مجلسه: اتَّقِ اللَّهَ، فقولك "عَلَيَّ لَعُنَةُ اَللَّهِ" يوجب اللَّعنة، إن كُنْتَ كاذباً وتَضَعُ امرأةٌ [يَدَها] (?) على فم المرأة، إذا انتهت إلى كلمة الغضب، فإن أبَيَا إلا المضيَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015