المَقْدِس في المَسْجد الأقصى عند (?) الصخرة، وفي سائر البلاد: في المسجد الجامع عنْد المِنْبر، وهو المقصورة.

ومنهم مَنْ لم يعتبر في سائر البلاد مَوْضع المنبر، ويلاعن الحاكم بين أهْل الذمة في المَوْضع الذي يُعَظِّمونه، وهو الكنيسة لليهود، والبَيْعة للنصارى، وهل يأتِي الحاكِم بيْتَ النار في لِعَان المَجُوس؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، وبه قال القَفَّال؛ لأنه لم تكن له حرمةٌ وشرف قطٌّ، بخلاف البيعة والكنيسة؛ وعلى هذا، فيلا عن بينهما في المَسْجد أو في مجْلس الحُكْم؟

وأظهرهما: نَعَم؛ لأن المقصود تعظيمُ الوَاقِعة، وزَجْر الكاذب عن الكَذِب، واليمينُ في الموضِعِ الَّذي يعظِّمه الحالف أغلَظُ، ويجوز أن يراعَى اعتقادهم؛ لشبهة الكتاب، كما رُوعِي في قَبُول الجزية، ولا يأتي بيْتَ الأصنام في لِعَان الوثنيِّين؛ لأنه لا أصل له في الحُرْمة، واعتقادُهم غيْرُ مَرْعِيٍّ، بل يلاعن بينهم في مجْلس الحُكْم، وهذا إذا دخَلوا عليْنا بأمانٍ أو هُدْنةٍ، وإذا كان الزوْجُ مسلماً، والمرأة ذمِّيَّةً، لاعن الزوج في المَسْجد، وهي الموضع الذي تُعَظِّمه، فإن قالت: ألاعن في المَسْجد، ورضي به الزوج، جاز، وكذا يجوز أن يتلاعن الذِّمِّيَّان في المَسْجد إلا في المَسْجد الحرام (?).

ومنْها التغليظُ بحُضور جماعة من أعيان البَلَد وصلحائه، فإنَّ ذلك أعْظَمُ للأمر، وقد حَضَر اللعانَ على عَهْدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (?) ابنُ عبَّاس، وابنُ عُمَرَ وسَهْلُ بن سَعْدٍ -رضي الله عنهم- وهم من أحداث الصَّحابة -رضي الله عنهم-، فاسْتَدَلَّ به الشافعيُّ -رضي الله عنه- على أنَّه حَضَر جمْعٌ كثير؛ فإن العادة في الصِّغار ألا يحضروا وحْدَهم، وأقلُّ ما يتأدَّى به هذا التغليظُ أربعةُ نفرٍ؛ فإن الزنا يثْبُت بهذا العَدَد، فيحضرون لإثباته.

ومنها التغليظُ اللفظيُّ، وسيأتي في الدعاوى والبينات، إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015