الأخرس، قال: ويختلج إشْكَالٌ في الصَّدْر في تأدية كلمات اللِّعان سِيَمَا إذا عينا لفظ الشهادة؛ لأن الإشَارَات لا تُرْشِد إلى تفضيل الصِّيغ قال: والَّذي ينقدح في وجْه القياس أنَّ كلَّ مقصود لا يختصُّ بصيغة، فلا يمتنع (?) إقامة الإشَارَةِ مُقَام العبادة، وما يختصُّ بصيغةٍ مخصوصةٍ، فيغمض إعراب الإشَارَة عنها ولو كان في الأَصْحَاب من يَشْترط في الأخْرَس الكتابة، إن كان يُحْسنها أو يشترط (?) من ناطق أن يَنْطق بها، ويشير على الأخرس، فيقول: تشهد هكذا، فيقرره الأخرس بالإجابة كقُرُب بعض القرب، فأما الإشَارَة المجرَّدة، فلا أهتدي إلَى مجرَّد دلالتها عَلَى مخصُوصَة؛ هذا كلام الإمَام، فاء صاحِبُ الكتَاب، وقال: ما تمنَّى الإِمام أن يَكُون في الأَصْحاب مَنْ يقوم به، وحكَاه في "البسيط" عن بعض الأصحاب، وهو كالمُنْفَرد بالقَوْل [به] (?)، ولم ينقل عن غيره (?) ولْيُعْلَم؛ لِمَا ذكَرْنا قوْلُه "وعليه أن يكتب مع الإشَارة" بالواو.
وإذا قذف ولاعن بالإشارة ثم عاد نطقه وقال: لم أرِدِ اللِّعان بإشارتي، قبل قوله فيما عليه، حتى يلحقه النَّسَب، ويلزمه الحَدُّ، ولا يُقْبل فيما له حتى لا ترتفع الفرقة، ولا التحريم المؤبَّد، وله أن يُلاَعِن في الحال، لإِسْقَاط الحَدِّ، وله اللِّعان لِنَفْي النَّسَب أيضًا، إذا لم يمض من الزمان ما يَسْقُط فيه حقُّ الَنَّفْي، ولو قال: لم أرد القَذْفَ أصْلاً، لم يُقْبَل قوله؛ لأن إشارته أثْبتَتْ حقًّا لغيره، وإن قَذَف لناطق، لم أعْتُقِل لسانه، وعجز عن الكلام؛ لمرض وغيره، نُظِر؛ إن كان لا يُرْجَى زوال ما به، فهو كالأَخْرَس، وإن كان يُرْجَى، فهل يُنْتَظَر زوالُه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، ويُلاَعِن بالإشارة؛ لحصول العَجْز في الحال، وربَّما يموت، فيَلْحَقه نَسَبٌ ليْس منه.
وأشْبَهُهُما: أنه يُنْتَظِر زوالَهُ ولا يغير (?) الحكم بالعوارض الَّتي تَطْرَأ وَتزول، وعلى هذا، فكم يَنْتَظر؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنَّهُ يَنْتَظِر وإن امتدَّت لمدة.
والثاني: أنَّه لا يزادُ الانْتِظَار عَلَى ثلاَثَة أيَّام؛ لما في التأْخِير منَ الإضْرار