النَّمْلِ، وهي أشهر الروايتين عن أبي حنيفة. وقال بعض أصحابه: مذهبه: أنها آية في كل موضع أثبتت فيه، لكنها ليست من السورة.

وإذا عرفت ذلك فعندنا يجهر المصلي بالتسمية في الصلاة الجهرية في الفاتحة وفي السورة بعدها، خلافاً لمالك حيث قال: لا يقرأها أصلاً لا في الجهرية ولا في السرية، ولأبي حنيفة حيث قال: يسر بها، وبه قال أحمد، إلا أنه يوجب ذلك في كل ركعة؛ لأن التسمية عنده من الفاتحة، وأبو حنيفة لا يأمر بها إلا استحباباً، ويقال: إنه لا يأمر بها إلا في الركعة الأولى كالتعوذ.

لنا ما روي عن ابن عمر أنه قال: "صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَكَانُوا يَجْهَرُونَ بِالتَّسْمِيَةِ" (?).

وعن علي وابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يَجْهَرُ بِهَا فِي الصَّلاَةِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ" (?).

وأما ما يتعلق بلفظ الكتاب، فقوله: (آية منها) معلم بالميم والحاء، وكذا قوله: (في كل سورة) ولا يخفى أن المراد ما سوى براءة.

ويروى عن أحمد: أن التسمية حيث أثبتت آية وليست من السورة، ورأيت في "رءوس المسائل" لبعض أصحابه أنها ليست من الفاتحة، ولا من سائر السور، والمشهور عنه في كتب أصحابنا أنه يوافقنا في كونها من القرآن، وإنما يخالف في الجهر، فعلى المشهور لتكن الكلمتان معلمتين بالألف أيضاً.

وقوله: "وهي آية من كل سورة .... " [إلى آخره، فيه كلامان:

أحدهما: أن ظاهر قوله: (وهي آية من كل سورة) أنها آية] (?) مستقلة، لأنها إذا كانت مع صدر السورة آية، فلا تكون آية وإنما تكون بعض آية، وإذا كان كذلك فلا يحسن أن يرتب عليه التردد في أنها مستقلة أم لا، فإن الشيء الذي أثبتناه لا ينتظم من التردد فيه؛ ومعنى الكلام أنها من جملة السور معدودة من القرآن، وهل هي آية مستقلة؟ فيه الخلاف.

والثاني: أن لفظ الكتاب يمكن تنزيله على الطريقة الثانية بأن يجعل جازماً بأنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015