ليستوفي إن أراد، والمال لا يختص استيفاؤه بالإمام.
والثالث: جعْلُهما على قولَيْن بالنَّقْل والتخريج، ويُحْكَى طريقة الخلاف هذه عن رواية صاحب "التقريب" وهي التي أوردها في الكتاب، واحتج لقَوْلِنا أنه لا يُخْبِر المقذوف، بأن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ ينبه شُرَيْكَ ابْنَ السحماء ولم يخبره بالقَذْف. ولقولنا إنه يخبر بقصة (?) العسيف، وذلك أن رجُلَيْن اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
أحدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بكِتَابِ اللهِ وَأْذَنْ لِي [في] (?) أنْ أَتَكَلَّمَ، [فقال: تكلمي (?)] فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً (?) لِهَذَا، فَزَنَى بامْرَأَتِهِ؛ فَاخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّحْمَ فَأفْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَألْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ؛ فَأخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَام، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: لأَقْضَيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ [تَعَالَى]، أمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَجَلَدَ ابْنَهُ مَائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأسْلَمِيَّ أنْ امْرَأَةَ الآخَرِ قَالَ: إِنِ اعْتَرَفَتْ فِارْجُمْهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا". قال العلماء: وإنَّما بعث أُنَيْسًا ليُخْبِرها بأن الرَّجُل الآخر قَذَفَها بابنه لا يتفحص عن زناها، وعن القَفَّال عن بَعْضهم: أنه كان قد شَهِد على إقرارها بالزِّنا أبو الزَّانِي و (?) مع آخر، فَبَعث إليها [أُنيْسًا] ليتثَّت؛ إن رجَعَتْ عن إقْرَارها، تركها، وإلاَّ أقام [عليها] (?) الحَدَّ، والظاهر في مسْأَلَةِ الإخبار أنه يخبره، وإن أثبت الخِلاَفَ، والَّذي قاله في "المختصر": وليس للإمام إذا رَمَى رجُلاً بزناً أن يبعث إلَيْه يسأله عن ذلك، ففي تنزيله وجُوهٌ: منها أن المراد أنَّه لا يُسْأَل؛ هل زنَيْتَ؟ ومنها أن المراد منه ما إذا لم يكن الرَّامِي مُعَيَّنًا، كما إذا قال رَجُلٌ: بين يَدَيِ الحاكم: إنَّ الناس يقولون: إنَّ فُلانًا قد زَنَى، لا يَبْعَث الحاكم إليه، ولا يَتفحَّص عن الحال، وكذا لا يتفحَّص إذا لم يكن المقذوف معيَّنًا، كما إذا قال "في هذه السكة أو في هذه المحلة زانٍ" أو رمى بحجر، فقال: من رَمَانِي، فَهُوَ زَانٍ، وهُو لا يَدْرِي مَنْ رماه، وعن أبي الطيَّب بن سلمة: أن المُراد ما إذا رماه بالزنا تَعْريضًا لا تصريحًا، وعن ابن سُرَيْج وأبي إسحاق -رحمهما الله- أن المراد مَا إذَا كان كَذَلِكَ، ولاعن، سقط حَقُّ ذلك المعيَّن، إما بأن ذكره في اللعان أو قلنا: [إنه] (?) يسقط وإن