يقال: إن احْتُمِل كونه من النكاح دون الملك، فهو ملحق بالنكاح، وإن احْتُمِلَ مِنَ المِلْك دون النكاح، فهو مُلْحَق بالملك، كذا (?) لو احتمل منهما، وفيه ما رواه الشيخ، وإن لم يُحْتَمَل واحدٍ منهما، فلا إلحاق للإستبراء بعد الوطء، واللائق عند الإقرار بالوطء لفظ الإقرار، وبالإستبراء لفظ الدَّعْوَى، وسيتضح ذلك في آخر الاستبراء.
وقوله "لم يلحقْه نسَبُ مِلْك اليمين؛ للاستبراء" يجوز أن يعلم بالواو؛ للخلاف في أن الاستبراء، هل يكون نافيًا للنسب؟
ومهما وقع اللعان بعد الشراء، هل يُوجِبُ التَّحْرِيمَ المؤبَّد؟ فيه وجهان، كما ذكَرْنا فيما إذا وَقَع بعد البينونة؛ لأنَّها لم تكن زوجًة له حين لاَعَنَ، فإن قلْنا لا يُوجِبُه (?)، فهي حلال له بملك اليمين، وإن قلنا: يوجبه، فهل تحل له بملْك اليَمِين؟ فيه خلاف مبنيٌّ على أنه لَوْ لاَعَنَ عن زوجته الأمة، ثم اشتراها، هل يجوز لَه وطؤها بمِلْك اليمين؟ وفيه طريقان:
أحدهما: أن فيه وجهَيْن كالوجهين المذكورين فيما إذا طَلَّق زوجته الأَمَة [ثلاثًا]، (?) ثم اشتراها.
والثاني: القَطْع بالمنع؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- (?): "المُتَلاَعِنَانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا" والفرق من وجهين:
أحدهما: أن الطلاق يَخْتَصُّ بالنكاح، فيختص تحريمه بالنكاح، واللِّعان لا يَخْتَصُّ بالنكاح، بل يَجْرِي بعد البينونة، وفي النكاح الفَاسِدِ فيثبت تحريمه في غير النكاح.
والثاني: أن تحريم الطَّلاق غير مؤبَّدٍ بل يزول بالزَّوْج، والإصَابَة، وتحريم اللعان مؤبَّد، فجَازَ أن يكون أوْسَعَ حالاً؛ لِغِلَظِهِ، وكونه أوْلَى بالاحتياط، والله أعْلَمُ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الثَّالِثُ: القَذْفُ) وَهُوَ نِسْبَتُهَا إِلَى وَطْءٍ حَرَامٍ* فَلَوْ نَسَبَهَا إلَى زِناً هِيَ مُسْتَكْرَهَةٌ عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ* وَلَوْ كَانَ وَطَءْ شُبْهَةٍ مِنَ الجَانِبَيْنِ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِمَنْع اللِّعَانِ؛ لأَنَّ اللِّعَانَ فِي القُرْآنِ وَرَدَ مُرَتَّبًا عَلَى الرَّمْيِ بِالزِّنَا* وَإِنْ كَانَ الوَاطِئُ بِالشُّبْهَةِ مُعْترَفاً وَأَمْكَنَ إِلْحَاقُ الوَلَدِ بِهِ عُرِضَ عَلَى القَائِفِ وَلاَ لِعَانَ قَطْعًا* أَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: لَيْسَ الوَلَدُ مِنِّي فَوَجْهَانِ وَأَوْلَى بِجَوَازِ اللِّعَانِ لأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الزِّنَا وَالشُّبْهَةَ* وَلاَ يُشْتَرَطُ (م) أَنْ يَقُولَ فِي القَذْفِ وَاللِّعَانِ: رَأَيْتُهَا تَزْنِي* وَلاَ أنْ يَقولَ: اسْتَبْرَأْتُهَا بَعْدَ الوَطْءِ (م).