ما رواه الرَّبِيع من كسبه (?).
والثالث: القطع بما رواه الربيع، وتأويل كلام المزنيِّ بجعل قوله "ولم يلتعن" معطوفًا على قوله "إن طلبت" لا على قوله "عُزِّرَ" كأنه قال: عُزِّر، إن طلَبَتِ التعزير، وامتنع هو عن اللعان.
والرابع: أنَّ ما رواه المزنيُّ محمولٌ على ما إذا قذفها بزنا أضافه إلى ما قبل الزوجية، وأقام عليه البينة، ثم أعاد القذف بذلك الزنا، وما رواه الربيع محمولٌ على ما إذا قَذَفَها بزنا إضافةً إلى حالة الزوجية، وأقام عليه البينة ثم أعاد القذف بذلك الزنا، والفرق أنه إذا ابتدأ القذف بالزنا السابق على الزوجية لم يتمكَّن من إسْقَاط ما يجب بِهِ اللعان، فكذلك إذا أعاد القَذْف به، وإذا ابتدأ القذف بالزنا الواقع في الزوجية، تَمَكَّنَ من إسقاط ما يجب به باللعان، فكذلك، إذا أعاد القَذْف به، ثم ظاهر، لفظ الشافعيِّ -رضي الله عنه- في الروايتين، حيث قال: "إِنّ طَلَبَتْ" يدل على أن التعزير الواجب في هذه الصورة إنما يستوفى بطَلَبِها، وحكى الإِمام وجْهًا أنَّه يستوفيه السلطان على سبيل السياسة؛ لما صدر منه من سوء الأدب، ولا يَتوقَّف على طلبها، كما أنه يُؤدِّب من يقول: الناس زناة، وإن لم يَطْلُبْ تأديبَه أحدٌ، والمذهب الأول؛ لأنها المقصودة بالإيذاء والمتضرِّرة بإشاعة الفاحشة، وإن ثبت أصْلها، قال الإِمام -قدس الله روحه-: وليس هذا مَوْضِعَ التردُّد، وإنما يليق التردُّد بما إذا أضاف الزنا إلى حالة لا تحتمل الوطء، كما إذا قال: زنَيْتِ، وأنْتِ بِنْتُ شَهْرٍ، فإن المحال لا يُتاذَّى منْه، وقوله في الكتاب "على أسَدِّ (?) الوجهين" يجوز إعلامه بالواو؛ للطريقين القاطعين، والمشهور عند مَنْ أثبت الخلاف التعبير عنه بالقَوْلين دون الوجْهَيْن.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ عَفَتْ عَنِ الحَدِّ وَلاَ نَسَبَ فَلاَ يَبْقَى غَرَضٌ إِلاَّ قَطْعَ النِّكَاحِ وَدَفْعَ عَارِ الكَذِبِ وَالانْتِقَامِ مِنْهَا* وَفِي جَوَازِ اللِّعَانِ لِمْجَرَّدِ هَذِهِ الأَغْرَاضِ وَجْهَانِ* فَإِنْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الحَدِّ وَمَا عَفَتْ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ* وَأَوْلَى بِالجَوَازِ* وَهَذَا خِلاَفٌ فِي أَنَّ طَلَبَهَا هَلْ يُشْتَرَطُ لِلِّعَانِ؟ * فَإِنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً فَأَوْلَى بِالجَوَازِ* وَمَهْمَا قَصَدَ نَفْيَ الوَلَدِ لَمْ