الملاعِنِ في نسبة أُمِّه إلى الزنا، فهو قاذف، وإن أراد أن الملاعن نفاه، أو أراد انتفاء نسبه شرعاً، أو أنه لا يشبِهُهُ خَلْقًا أو خُلُقاً، صُدِّق بيمينه، وإذا حلف عليه، فقد ذكر القفَّال أنه يُعزَّر عليه للإيذاء وتجديد ذكر الواقعة، وإن نكل، حلَفَت الأم؛ أنه أراد قذْفها، واستحقَّت (?) الحد، ولو أن النافي استلحقه، ثم قال له قائل: لسْتَ ابن فلان، فهو كما لو قاله لغير المنفي، والظاهر أنه قَذْف [صريح] على ما سَبَق، وقد يقال: إذا كان أحد التفاسير المقبولة أن المُلاَعِن نفاه، فالاستحاق بعْد النفي لا ينافي في صدْق القول بأنه نفاه؛ فلا يبعد أن لا يُجْعَل قذفًا صريحاً، ويقبل التفسير (?) به.
ولو قال القُرَشيِّ: لسْتَ من قريش، أو [قال لقريشي]: يا نبطيُّ أو لتركيِّ: يا هندي، أو بالعكس، وقال: أردتُّ أنه لا يشبه من يُنْسَب إليه في السّير والأخلاق أو الهنديُّ تركيُّ الدار أو اللسانِ، صُدِّق بيمينه، فإن ادعت أمُّ المَقُول له؛ أنه أراد القَذْف، ونَكَلْ القائل، فحَلَفت هي، وجَب الحدُّ أو التعزيرُ، وإذا أراد القذف فمطلقه محمول على أُمِّ المقول له، فإن قال: أردتُّ أن واحدةً من جداته زنَتْ، نُظِر؛ إنْ عيَّنها، فعلَيْه الحدُّ أو التعزير، وإن قال: أردتُّ جدَّة لا بعينها؛ إما في الجاهلية أو الإِسلام، فلا حد علَيْه، كما لو قال أحد أبَوَيْك زانٍ أو قال: في البلدة زناةٌ أو في السِّكَّة زانٍ، ولم يعيِّن، ولكن يُعزَّر للأذى، ولأُمِّ المقذوف تحليفه، إذ كذَّبته، وقالت: أردتَّنِي، هذا قضية ما أطلقه في الكتاب، وأورده الأئمة منهم صاحب "التهذيب" وفي "التجربة" للقاضي الرُّويانيِّ: أنه لو قال لعلويِّ: لسْتَ ابن عليِّ بن أبي طالب -عليه السلام- وقال: أردتُّ أنك لسْتَ من صُلْبه، بل بينك وبينه آباء، لا يُصَدَّق، بل القول قوْلُ من يتعلق به القَذْف: أنك أردتَّ قذْفي، فإن نَكَل، فيحلف القائل، ويعزر، وقضية هذا أن لا يُصدَّق القائل في قوله "أردتُّ جدَّةً من جدات المقول له" مهما نازعته أمه، بل تصدَّق هي؛ لأنَّ المُطلَق محمول عليها، والسابق إلى الفهم قذْفُهما، كما أن السابق إلى الفَهْم من قوله للعلوي: لست ابن علي -كرم الله وجهه- ما يقوله المقول له، فإن نكلت، فحينئذ يحلف القائل ويبرأ (?) والله أعلم.