والطريق الثاني، وبه قال أبو إسحاق، وابن أبي هريرة، والأكثرون. القطع بأنَّهُ ليس بصريح، وغلَّطوا المزنيَّ في النقل، ولو قال: زنا بدنك، فوجهان:

أحدهما: أنه ليس بصريح في القذف؛ لاحتمال أنه أراد المماسة.

والأصحُّ (?)، وبه قال أبو حنيفة: أنه صريح؛ لأنه أضاف الزنا إلى جملة الشخض، فأشبه ما إذا قال: زنَيْتِ (?) والله أعلم.

قاَلَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسَةُ) لَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ: لَسْتَ ابْنِي فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ إِلاَّ إِذَا نوَى* وَالأَجْنَبيُّ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ قَاذِفٌ لأَنَّهُ لاَ يُحْسَنُ مِنْهُ قَصْدُ التَّأْدِيبِ بِذَلِكَ* وَقِيلَ قَوْلاَنِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ* وَالأَقْيَسُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ* وَلَوْ قَالَ لِلوَلَدِ المَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ: لَسْتَ مِنَ المُلاَعِنَ فَهُوَ قَاذِفٌ إنْ أَرَادَ تَصْدَيقَ الزَّوْجِ المُلاَعِنِ* فَإِنْ أَرَادَ النَّفْي الشَّرْعِيَّ فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ* وَلَوْ قَالَ لِلقُرَشِيِّ لَسْتَ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدتُّ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ أُمّهَاتِهِ زنَتْ فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ لأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ* وَنَعْني بِالقَذْفِ مُوجِبَ الحَدِّ* أَمَّا التَّعْزِيرُ فَيَجِبُ بِأَكْثَرِ هَذهِ الكَلِمَاتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيهما صورتان:

أحدهما: إذا قال لولده اللاحق به في الظَّاهر: لَسْت ابْنِي أو لَسْتَ مني، فالنص أنه ليس بقاذف لأمه إلا أن يريد القَذْف؟ ولو قال لأجنبي: لست ابن فلان، فالنص أنه قاذف، وفيهما طُرُقٌ: أصحهما: تقرير النصين، والفرق أن الأب يحتاج في تأديب الولد إلى مثْل هذا الكلام؛ زجْرًا له عما لا يليق بنسبه وقومه، فيحمل ذلك منه عَلَى التأديب، والأجنبيُّ بخلافه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015