الشَّافعيُّ -رضي الله عنه- حَذْف الهاء على التَّرْخيم في النداء، كقوله في "مالك": يا مَالِ، وفي "حارث"؛ يا حَارِ، واعترض عليه بأن الترخيم يُحْذَف منه حرْفٌ واحد، فينبغي أن [ألاّ] تحذف سوى هاء التأنيث، وقول القائل: "يا زَانِ" فيه حذف حرفين، وبأن الترخيم يقع في أسماء الأعلام دون الأسماء المُشْتقَّة، وأجيب عن الأوَّل بأنَّ الرواية في حرملة يا زاني لا يا زان، وإلحاقُ "يَا زَانِ" بـ"يَا زَانِي" من تصرُّف المزنيِّ، وبأنه لا يزاد على حَذْف الحرف الواحد، إذا كان ما قبل الحرف الآخر صحيحاً، فأما حرف العلة، [فلا اعتبار به، وأيضاً،] (?) قالوا يَا صَاحِ، فرخموا، مع أن "الصاحب" اسم مشتقٌّ، وعن صاحب "التقريب" حكايةُ قَوْلٍ عن القديم: فيما إذا قال للرجل: يا زانية أيضاً أنه ليس بقَذْفٍ، فيجوز أن يُعْلَم، لذلك قوله في الكتاب "فهو قاذف" بالواو مع الحاء. وقوله "وكذلك" بالواو.

ولو قال: "زَنَأْتِ في الجَبَلِ" بالهمز، لم يكن قذْفًا، إلا أن يريده؛ لأن الزناء في الجَبَل هو الصُّعُود فيه، فلو قال المقول له: أردت القذف، وأنكر، صُدِّق بيمينه، فإن نَكَل، حلف المقول له، واستحق حدَّ القذف، وجعل أبو حنيفة قوله "زَنَأْتِ في الجَبَل" قذفًا، وعن أحمد مثله، ولو قال: "زَنَأْتِ في البيت" فظاهر المذهب أنه قذْف؛ لأنه لا يُسْتَعمل بمعنى الصُّعود في البَيْت ونحوه (?)، ولو قال: "زَنَأْتِ" واقتصر عليه أو قال: "يَا زَانِيء" بالهمز، ففيه وجوهٌ:

أظهرهما، وبه قال القفَّال والقاضي أبو الطيِّب -رحمهما الله-: أنه ليس يقذف، إلا أن يريده؛ لأن ظاهره الصُّعُود.

والثاني: أنه قذْف، والياء قد تبدل همزةً، كقوله: "رَوَيْتُ وَرَوَأْتُ".

وعن الداركيِّ: أن أبا أحمد الجرجانيَّ نسبه إلى نصه في "الجامع الكبير".

والثالث: الفرق بين أن يُحْسن العربية، فلا يكون قذفًا منه، إلا أن يريده وبين أن لا يُحْسِنَها, ولا يضبط موضع الهمز وتركه، فيكون قاذفًا، ولو قال: "زنَيْتِ في الجبل"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015