لمالك فيما حكى القاضي ابن كج، وعن الداركي فيما روى أبو الفرج السرخسي: أنه يكون قذفًا لهما جميعاً؛ لأن ظاهر اللَّفْظ يقتضي اشتراكهما في أصل الزنا، واختصاص المخاطَبِ بمزيد، وهذا كالوجهَيْن فيما إذا قالت ابتداءً: أنت أزنى مِنِّي على ما سَبَق، والمشهور الأوَّل، ولو قال: زنى فلان، وأنتِ أزنَى منه، فهذا تصريح بقذفهما جميعاً، وعن أبي الحُسَيْن بن القطَّان، وأبي الطَّيِّب بن سلمة: أنه لا يكون قذفًا للمخاطَب، والظاهر الأول، وكذا لو قال: في الناس زناةٌ وأنْتِ أزْنَى منهم، أو قال: أنتِ أزنَى زناة الناس، قال في "البسيط": وقد يعتاض الفرق بينه وبين أن تقول: أنت أزنَى الناس؛ لأنَّا نعْلَم أن في الناس زناةً، ولعل السبب اتِّبَاعُ لفظه، ولشى في لفظه إثْبَات زناهم، ولفظ الناس يتناول الكُلَّ، ومعلوم أن الناس كلَّهم ليسوا زناة، حتى لو قال: الناس كلُّهم زناةٌ، وأنْتِ أزنى منهم، فقد قال الأئمة: لا يكونُ قذْفًا لعلمنا بكذبه، وبمثله أجابوا فيما إذا قال: أنتِ أزنَى من أهل بغداد إلا أن يُرِيدَ: أنتِ أزنَى من زناة أهل بغداد (?)، ولو قال: أنتِ أزنَى من فلان، ولم يثبت في لفظه زنا فلان، ولكنه كان قد ثبت زناه بالبينة أو بالإقرار، فإن كان القائل جاهلاً به، فهو غيْر قَاذِفٍ، ويقبل قوله إنِّي كنت جاهلاً مع يمينه، ويجيء فيه الوجْه المنقول عن الداركيِّ، وإن كان عالماً به، فهو قاذف لهما، فيحد للمخاطب، ويعزَّر لفلان؛ لأنه منْهُوك العِرْض، إذ ثبت زناه، ويجيء في كونه قاذفًا الوجْه المنسوب إلى ابن القطَّان، وابن سلمة، وفي تعليق الشيخ إبراهيم المروروزي وَجْهٌ على الجواب الظاهر في هذه الصور: أنه لو قال بالفارسية [بوروسى تزار فلانه] (?) لا يكون قاذفًا، ولو قال [فلانة روسيى ايست وتواروى روسيى ترى] (?) يكون قاذفًا لهما جميعاً، ولو قال [تورسى بدارهمه زمانى] (?) لا يكون قاذفًا، ولو قال: