وفي "التجْربة" (?) للقاضي الرُّويانيُّ: أنه لو نَوَى الصَّوْم باللَّيْل قَبْل طَلَب الرقبة، ثم طلبها بالليل فلم يَجِدْها, لم يُجْزِئه صومه إلا أن يُجَدِّد النية بعْد الفِقْدَان؛ لأن تلْك النيَّة تقدَّمت على وقْت جواز الصوم.
الثانية: إذا ابتدأ بالصَّوْم لأول شَهْر هلاليٍّ، صام شهرين بالأهلة على ما يَتَّفِق لهما (?) منْ كمالٍ أو نقصانٍ، وإذا ابتدأ به في خِلاَل الشَّهْر، وهو المراد من قوله "فإن انكسر الشَّهْر" فيصوم ما بَقِيَ من الشهر، ويصوم الذي بعده بالهلال، ثُمَّ يكَمِّل الباقي بالعدد؛ مثاله: مَضَى مِنَ المُحرَّم عشرة أيام، يصوم الباقي منْه، ويصوم صَفَرًا بِالهلال، ويصوم عَشَرة أيَّام من ربيع إن كان المُحرَّم كاملاً، وأحَدَ عَشَر إن كان ناقصاً.
وعن أبي حنيفة: أنه إذا انْكَسَر شَهْر بطل اعتبار الأهِلَّة، وصار المرعيُّ العَدَدَ، قال الإِمام: وقد مال إليه بعض الأصحاب، ونظير المسألة قد مَرَّ في السَّلَمِ والطلاق وغيرهما، ويجوز أن يُعْلَم؛ لذلك قوله في الكتاب "صام أحد الشهرين بالهلال" مع الحاء بالواو.
الثالثة: يجب التتابع في صوم الشهرَيْن بنص القرآن، ولو وطئ المظاهَرَ عنها ليلاً قبل تمام الشهرين، عَصَى بتقديم (?) الوطء على تمام التكفير، ولكن لا يَنْقَطع به التتابع، ولا يجب استئناف الشهْرَيْن، خلافاً لأبي حنيفة ومالك، واحتج الشَّافعيُّ -رحمه الله - رضي الله عنه- بأنَّا لو أوجَبْنا الاستئناف، لوقع صَوْم الشهرين بعد التَّمَاسِّ، ولو لم نوجبه، كان بعض الشهرين قبل التَّمَاسِّ، وهذا أقرب إلى ما هو مأمُورٌ به من الأول، واحتج الأصحاب بأنه جِمَاع لا يؤثر في الصَّوْم، فلا يقْطَع التتابع، كالأكل بالليل، وجماع غَيْر المُظَاهَر عنها، وإذا فَسَدَ صوْم يومٍ، انقطع التتابع وإن فُرضَ ذلك في اليوم الأخير، ووجب استئناف الشهرَيْن وما مضى يحكم بفساده أو يَنْقَلِبُ نفلاً؟ فيه القولان المذكوران فيما إذا نَوَى الظُّهْر قبل الزوال ونظائره، والحيض لا يقطع التتابع في صوم المرأة عن كفَّارة القتل، والوِقَاع في نهار