ورأى الإِمام -قدس الله روحه- تخريجه على أن الهِبَة هل تقتضي العوض؟
ثم العتق سواءٌ نفى العوض أو أثبته (?)، يقع عن المستدعي، وعند أبي حنيفة والمزنيِّ إذ قال: أعتقه عني مجَّانًا، ففَعَل، لا يقع العتق عن المستدعي؛ لأنه إذا نفى المال، كان الحَاصِل هبةً ونيابةً [عن] (?) المستدعي في الإعتاق عنه، واعتاق الموهوب قبل القبض لا يجْوز، وإذا سَمَّى المال، كان الحاصِلُ بيعًا ونيابة في الإعتاق، وإعتاق المَبِيع قبل القبْض جائز.
وعن أحمد روايتان، كالمذهبين.
واحتج الأصحاب بأنه أعتق عنْه بأمره، فيَقَع عنْه، كما لو سَمَّى العوض، وقالُوا: المُعْتق بعِوَض، جُعِل كالمبيع المقبوض حَتَّى استقر عِوَضُه، فكذلك يُجْعَل عند عدم العوض، كالموهوب المقبوض، ويجعل القبض مندرجًا تحْت العتق لقوته، وذَكَرُوا بناءً على هذا أن إعتاق الموهوب قبل القبْض بإذن الواهب جائزٌ، وإذا قال: أعتقه عن كفَّارتي أو عَنِّي، ونوى الكفَّارة، فأجابه أجزأه عن كفارته، ولو قال: أعْتِق عبدك، ولك عليَّ كذا, ولم يَقُلْ "عن نفسك" ولا "عني" فوجهان:
أحدهما: أنه كما لو قال: أعتِقْهُ عنِّي لقرينة الاستدعاء والتزام العوض.
وأشبههما، وهو المذكور في "التهذيب": أنه كما لو قال: أعتقه عن نَفْسك، ولو قال: أعْتِقْ عبدك عني وعليَّ كذا بشرط أن يكون الولاء لَكَ، قال في "التتمة" في باب الخُلْع: المذهب المشهور أنَّ هذا الشَّرْط يفسد، ويقع العتق عن المستدعي، وعليه القيمة، وفيه وجْه: أن العتق يقع عن المالك، ويكون الولاء له، وعن القَفَّال أنه لو قال: أعتق عبدك عني على ألْفٍ، والعَبْد مستأجرٌ أو مغصوبٌ، [فأعتق]، جاز، ولا يضر كونه مغصوبًا، وإن كان المعتق عنه ممَّن لا يَقْدِر على الانتزاع، ولا يخرج في المستأجر على الخِلاَف في بَيْع المستأجر؛ لأن البيع يَحْصُل في ضمن الإعتاق، ولا يعتبر في الضِّمْنيَّات ما يعتبر في المقاصد، وأنه لو قال: أعتْق عبدك عن ابني الصغير, ففعل، جاز، وكان اكتساب ولاء له من غَيْر ضرر [يلحقه،] (?) وليس كما لو كان له رقيقٌ، فأراد الأب أن يُعْتِقه، وأنَّه لو وَهَب عَبْداً له من إنسان، فقَبِله الموهوب منه، ثم قال للواهب (?): أعتقه عن ابني، وهو صغيرٌ، فأعتقه، جاز، وكأنه أمره بتسليمه إلى ابنه، وناب عنه في الإعْتَاق للابن، واعْلَمْ أن العتْق في صورة الاستدعاء إنَّما يقَع عن المستدعي، والعوض إنما يجب عليه، إذا اتَّصل الجَوَاب بالخطاب، فأما إذا طال