متفاوتةٌ، وما يتعلَّق بها من النَّصبِ والتَّعَب يختلف مَوْقِعُه ووجوهه، فالمشقَّة في صلاة الصُّبْح من وجه، وفي صلاة الظهر من وجه آخر؛ لاختلاف الوَقْت وأعداد الركعات، والعِتْق في الظهار والقَتْل واحدٌ لا اختلاف فيه، فلم يحتج إلى التعيين، ولو كانَتْ عليْه كفَّارة ظهار، فنوى كفارة القتل عمدًا أو خطأً، لم يُجْزِئه عن كفارة (?) الظهار؛ لأنه نوى غَيْر ما عليه، فلا ينصرف إلى ما عليه، ونظيره ما إذا نَوَى عنْد إخراج الزكاة مالاً معيَّنًا، فكان تالفاً، لا ينصرف إلى غيْره، وكذا لو نَوَى [الاقتداء بمعيَّن، وكان الحاضر غيره لا ينصرف الاقتداء*] (?) إليه، ولو كان علَيْه كفَّارتان، وأعتق عبدًا بنيَّة الكفارة المُطْلَقة، ثم صرَفَه إلى واحدة معينةٍ، تعيَّن العَتْق لها, ولم يتمكن من صرْفه إلى الأخرى، كما لو عيَّن في الابتداء.
الثانية: الذميُّ إذا ظاهر يُكَفِّر بالإعتاق أو الإطعام؛ لأن له أن يعتق ويطعم في غير الكفارة، فكذلك في الكفَّارة، ولا يُكَفِّر بالصيام، كما لا يصوم عن غير الكفارة، والمعنى فيه [أن] (?) العبادة البدنية لا تصِحُّ من الكافر، وما يتعلَّق بالمال يُرَاعَى فيه جانِبُ المدفوع إليه، وإن لم يصحَّ من الكافر نيَّة التقرب فيه، فهذا معنى قوله: "تغليباً لجهة الغرامات"، ولو ارتد من لزمته الكفارة لم يَصِحّ منْه التكفير بالصوم، وهل يُكَفِّر بالإعتاق [أو الإطعام] (?) عند العَجْز عن الإعتاق والصِّيَام؟ فيه طريقان:
أحدهما: أنَّه على الخلاَف في ملْك المرتدِّ، إن قلْنا: يزُولُ مِلْكُه، لم يُكَفِّر، وإن قلْنا ببقائه كَفَّر، وإن وَقَفْنَاه، فإن عاد إلى الإِسلام، تبيَّن وقُوعُه عن الكفارة، وإن مات أو قتل على الردَّة، فلا.
والثاني: القطع بإجزائه؛ لأنه مستحقٌّ عليه قبْل الردة؛ فكان كالديون على أن في الدُّيُون وجْهًا عن الإصطخري، حكاه صاحب "التقريب" أنها لا تُقْضَى على قَوْل زوال المِلْك، ويجعل كأن أمواله تلفت، والمَذْهَب خلافه، وكذا الظاهر أنَّهُ يُكَفِّر، وإن ثبت الخلاف، وإذا كَفَّر في الردَّة، ثم عاد إلى الإِسلام، حل له الوطء، وعن صاحب "التقريب" حكايته وجْه في الكفارة المخيرة أنه لا يخرج من ماله إلا أدْنَى الدرَجَات.