آخر في "اللطيف" لأبي الحُسَيْن بن خيران: أنه لو قال: أنْتِ مثْل أمِّي، ونوى الطلاق، كان طلاقًا بخلاف قوله: أنت عليَّ كظَهْر أمي؛ وهذا لِمَا مرَّ أن قوله "مثل أمي" ليس صريحًا في الظهار، وعلى هذا قياسُ قوله "كعين أمي وروحها" (?).
قَالَ الغَزَالِيُّ: (البَابُ الثانِي في حُكمِ الظِّهَارِ): وَلَهُ حُكْمَانِ: (أَحَدُهُمَا): أنَّهُ يُحَرَّمُ الجِمَاعُ عِنْدَ العَوْدِ تَحْرِيمًا مَمْدُودًا إِلَى التَّكُفِيرِ سَوَاءٌ كَانَتِ الكَفَّارَةُ بِالإِطْعَامِ (ح) أَوْ بِغَيْرِهِ* وَهَلْ يَحرُمُ اللَّمْسُ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ: (أَحَدُهُمَا): نَعَمْ كَمَا تَحْرُمُ الرَّجْعِيَّةُ وَالمُحَرَّمَةُ وَالمُعتَدَّةُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالمُسْتَبْرَأَةُ بِمِلْكِ اليَمِينِ (وَالثَّانِي): لاَ كَمَا لاَ تَحْرُمُ الحَائضُ والصَّائِمَةُ* وَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْرُمُ الاسْتِمْتَاعُ بِمَا تَحْتَ السُّرةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ كَمَا في الحَائِضِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: من حكم الظهار الصحيح تحْريم الوطء، إذا وجبَ الكفَّارة إلى أن يُكَفِّر، فلو وَطِئَ قبْل التكفير، ويحرم عليه العود ثانيًا إلى أن يُكَفِّر، قال الله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ثم قال: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وكذلك الحُكْم لو كان يكفر بالإطعام، لا يجوز له أن يطأَها، حتَّى يُطْعِم، وإن لَمْ تتعرَّض الآية في الإطعام للتَّمَاسِّ، بل قال: فإطعام ستين مسكيناً؛ حمْلاً للمُطْلَق على المُقَيَّد عنْد اتِّحَاد الواقعة، وروي عن أبي حنيفة أنَّه إذا كان يُكَفِّر بالإطعام، فلا يحرم الوطء قبْله، ومن الأصحاب من يَنْسُب هذا المَذْهَب إلى مالك، وقد يحتج للتحريم قبْل التكفير، وللتسوية بين الإطعام وغيره بما رُوِيَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرَجُلٍ ظَاهَرَ من امْرَأَته وواقعها: "لاَ تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ" وُيرْوى اعْتَزلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ (?)، وهل