وأظْهَرهما أن الحكْم كما في المحرَّمات بالرضاع لاستواء النوعين في المَحْرَمِيَّة والحرمة المؤبدة، وكون التشبيه بهنَّ مبتكرًا من القَوْل وزورًا، وعلى هذا فتعود الطُّرق في الفَرْق والتسوية بيْن التي لم تَزَل محرَّمة بالمصاهرة، كحليلة الأب التي نكحها الأبُ قبل ولادته وَرَبيبَتُهُ الحاصلةُ بعْد دخوله بأمها مثل أن نكح امرأةً، ودخَل بها، وطَلَّقها، فنَكَحَت غيرُهُ، وولدت منه بنتًا وبيْن التي كانَت حلالاً، ثم حُرِّمت بالمصاهرة، كحليلة الأب وأم الزوجة وربيبته الحاصلة قبْل دخوله بامها، والظاهر عنْد الأئمة في النوعَيْن، كيف رتبت الطرق أن التشبيه بالَّتي لم تَزَلْ محرمةٌ ظهارٌ، وبالتي كانَتْ حلالاً ثمَّ حُرِّمت، ليْس بظهار، ويخرج من الاختلافات المذكورة عنْد الاختصار أقوالٌ ووجوهٌ:

أحدها: اقتصار الظَّهار على التشبيه بالأم.

والثاني: إلحاق الجدَّات بها لا غير.

والثالث: إلحاق محارم النَّسَب بها.

والرابع: إلحاق مَحَارم الرِّضَاع أيضًا إذا لمْ يعْهَدْن محللات.

والخامس: إلحاقهن من غير اعتبار هذا الشرط.

السادس: إلحاق مَحَارم المصاهرة أيضًا بالشرط المذكور.

السابع: إلحاقهن من غير اعتبار هذَا الشَّرْط المذكور في الكِتَاب، [منها] (?) الأول والثاني والسادس والسابع ويجوز أن يُعْلَم من هذه الأربعة المذكورة في الكتاب ما سوى الثالث بالميم والألف؛ لأن عند مالك وأحمد -رحمهما الله-: التشبيه بجميعهن ظِهارٌ، وأن يُعْلَم قوله "في القول القديم" بالواو، لقطع من قطع بإلحاق الجدات بالأم في الجديد والقديم جميعًا.

ولو شبه زوجته بامرأة، لا تَحْرُم عليه على التأبيد، كالأجنبية والمطلَّقة والمعْتَدَّة والمجوسية والمرتدة وأخت المرأة، لم تَكنْ ظهارًا؛ لأنهن لا يُشْبِهْن الأمَّ ولا فرْق بيْن أن يطرأ بعد ذلك ما يُوجب التحريم المُؤبَّد، كما لو نكح بنت الأجنبية أو شبه امرأته بربيبة امرأة غير مدخول بها، ثم دخل بها، وبين إلاَّ يطرأ، ولو شبَّهها بملاعنته، فكذلك؛ لأن تحريمها، وإن كان مؤبَّدًا، لكنه ليس للمحرمية والوصلة، وكذا لو شبَّهها بزوجات النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ولو قال: أنتِ عليَّ كظَهْر ابْنِي أو أبِي أو غُلاَمي، فهو لَغْوٌ؛ لأن الرَّجُل ليس محَلَّ الاستمتاع، ولا في معرض الاستحلال.

وقال أحمد في إحدى الروايتين: التشبيه بمحارم الرجال ظهارٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015