التمكين" وليس في الأول ما يقتضي ترجيح هَذا الوجْه على مقابِلِهِ، وهو قوله "وقيل لا يجب ولا يحل" ويوافقه إيراد "الوسيط" وعلى التقدير الثاني، فقضية النَّظْم ترجيح الوجْه الذاهب إلى وُجُوب التمكين، وقد رجَّحه صاحب "التهذيب" أيضاً، وعن الشيخ أبو حامد أنه قَطَع به في الصوم والإحرام، لكنه لا يكاد ينساغ، ويجوز أن يُعلَّم، قوله "وقيل لا يجب ولا يحل".
وقوله "فعلى هذا لا يمكن طلب الوطء ولكن يقال له طَلَّق" يشعر بترجح الوجه المذاهب إلى المطالبة بالطلاق، كما بيَّنَّاه، وقوله "للإرهاق إلى الطلاق" يقال أرْهَقَه عُسْراً "أي كلَّفه إياه"، والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الحُكْمُ الثَّالِثُ) فِيمَا يَجبُ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ الوَطْءُ أَوِ الطَّلاَقُ* فَإنْ أَبَي فَالصَّحِيحُ أَنَّ القَاضِيَ يِطَلِّقُ* وَفِيهِ قَوْلٌ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُطَلِّقَ* فَإِنِ اسْتَمْهَلَهُ ثَلاَثةَ أَيَّامٍ فَأَصَحُّ الوَجْهَيْنِ أنَّهُ يُمْهَلُ فَلَعَلَّهُ يَنْتَظِرُ نَشَاطًا وَقُوَّةً* فَإنْ أَمْهَلَ القَاضِي ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ تَمَامِ المُهْلَةِ لَمْ يَقَعْ* لاَ كَقَتْلِ المُرْتَدِّ قَبْلَ تَمَامِ المُدَّةِ فَإِنَّهُ هَدَرٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد تكرر أن المُولي بَعْد المدة يُطَالَب بالفيئة أو الطلاق، فتبين أن المقصود الفيئة، لكنه يؤمر بالفيئة أو الطلاق، إن لم يفئ، قال الإِمام: وليس لها توجيه الطَّلَب نحو الفيئة وَحْدها، فإن النَّفْس قد لا تُطَاوع، بل يجِب أن يَكُونَ الطَّلَب متردِّداً، فإن لم يَفئْ، وأبى أن يُطلِّق، فقولان: الجديد، وأحد قولي القديم، وبه قال مالك واختاره المزنيُّ: يطلقها القاضي علَيْه طلقةً واحدةً؛ لأنه حقٌّ قد توجَّه علَيْه، وهو ممَّا يدخُلُه النيابَةُ، فإذا امتنع، ناب عنْه القاضي، كقضاء الدَّيْن، وكما إذا عضل الوليّ.
ووجه أيضاً؛ بأن مدة الإيلاء مقدَّرة بالشَّرْع يقطعها الوطء، فيثبت للقاضي التَّفْريق إذا انقضت بلا وطْء كمدة العُنَّة.
الثاني: من قولي القديم: أنّه لا يُطلِّق عليه، بل يَحْبِسُه [وُيعزِّره] إلى أن يَفِيء، أو يُطلِّقَ لِمَا رُوِيَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الطَّلاَقُ بِيَدِ لمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ " (?) ولأنه مخيَّر (?) بين الفيئة والطلاق، فإذا امتنع، لم يَقُم القاضِي مَقَامه، كما إذا أسْلم على أكْثَر من أرْبَع، فخُيِّر.
وعن أحمد -رحمه الله- روايتان كالقولين، وفي "التتمة" ما يدُلُّ على أن أظهرهما