معاً من غيْر تقدُّم، وأنه لو قال: إن خرجْتِ من هذه الكُوَّة، فأنتِ طالقٌ، فوسع موضع الكُوَّة حتَّى صار باباً فخرج منْه، يُحْتمل أن يقال: إن خرجَتْ من موضع الكُوَّة، حنَث، وإلاَّ فلا، ويُحْتَمَل أن يُقَال: إن كان بحيث يسمَّى كوة، يقع الطلاق، وإلاَّ فلا، وأنه لو حَلَف إلاَّ يضربها إلا بالواجب فشتمته فضربها بالخشب، يحنث؛ لأن الشَّتْم لا يوجب الضَّرب بالخشب، وإنما المستحق به مطلق التعزير، وقيل بخلافه (?)، وأنه لو قال لزوجته إن علمتي من أختي شيئاً، فلم تقوليه لي فأنتِ طالقٌ، فينصرف ذلك إلى ما يوجب ريبة ويوهم فاحشة دون ما لا يقُصْدَ العِلْم به؛ كالأكل والشرب ثم لا يَخْفَى أَنَّه لا يعتبر أن تقوله على الفَوْر، وأنها لو سَرَقت من زوْجها دِينارًا، فحلف بالطلاق أن تردَّه عليْه، وهي قد أنفقته لا يقَع الطلاق، حتَّى يحْصُل اليأس عن الرد بالمَوْت، فإن تَلَف الدينار، وهما حيَّان، فوقوع الطلاق على الخلاف في الحنث بفعل المُكْرُه (?)، وأنه لو سمع لفْظ الطلاق من رجل وتحقَّق أنَّه سَبَق لسانه إليْه، لم يكن له أن يَشْهَد على مُطْلَق الطلاق، وأنَّه لو قال: إن رأيت الدَّم، فأنتِ طالقٌ، فالظاهر حمْلُه على دم الحيض.
وقيل: يحمل على كلِّ دم؟ وأنَّه لو قال: إن دخلْتِ هذه الدَّار، فأنتِ طالقٌ وأشار إلى بُقْعة من الدار فدخلَتْ غيْر تلك البقعة من الدار، ففي وقوع الطلاق وجهان (?).
وأنه لو قال: إن كانَتِ أَمَتِي في الحمام، فامرأتي طالقٌ وكانتا عنْد التعليقَيْن كما ذكر، عتقت الأمة، ولم تُطلَّق المرأة؛ لأنَّ الأمة عتقت، عنْد تمام التعليق الأول، وخرجَتْ عن أن تكون أمته، فلم يَحْصُل شَرْط الطلاق، ولو قَدَّم ذكْر الأمة، فقال: إن كانَتْ أمتي في المأتم، فامرأتي طالق، وان كانت امرأتي في الحَمَّام، فامتي حُرَّة وكانَتَا كما ذَكَر، طُلِّقَت المرأة، ثم إن كانت رجعيَّة، عتقت الأمة أيضاً، وإلا فلا, ولو قال: إنْ كانَتْ هذه في المأتم، وهذه في الحمَّام، فهذه حُرَّة، وهذه طالقٌ، فكانتا كما ذَكَر، حَصَل العتق والطلاق، وأنه لو قيل له: طَلَّقت زوجتك، فقال: طلَّقتُ، فقد قيل: هو كما لو قَال: نَعَمْ، وفي كونه صريحاً في الإِقرار أو كنايةً خلافٌ قدَّمْناه.
وقيل: إنه ليْس بصريح لا محالةَ لأن:"نَعَمْ" متعين للجواب.
وقوله "طلَّقْتُ" مستقلٌّ بنفسه، فكأنه قال، ابتداءً. طلَّقْتُ، واقتصر علَيْه، [وقد سبق أنه لو اقتصر عليه فلا طلاق] وأنه لو طَرَح العصير في الدَّنّ، وأحكم رأسه، ثم حَلَف بالطَّلاق أنه استحال خَمْرًا، ولم يفتح رأسه إلى مُدَّة، ولما فَتَح، قد صار خَلاًّ،