طالقٌ إلى حين أو زمان، أو بعد حين طلقت بمعنى لحظة، ولو قال: إذا مضى حقب أو عصر فأنتِ طالقٌ، قال الأصحاب: يقع بمعنى لحظة، وقال الإِمام وصاحب الكتاب هذا مشكل؛ لأن اسم الدهر والعصر والحقب لا يقع إلاَّ على الزمان الطويل، قال الإِمام والعصر هو الذي يحوي أممًا، فإذا انقرضوا انقرض العصر ومن قول الناس انقرض عصر الصحابة، ومن قول الأصوليين هل يشترط في انعقاد الإجماع انقراض العصر، وهذا بين في معنى العصر، وليس ينقدح في الذهن يعني إذا أطلق وقرن بالمعنى إلاَّ العمل على العصر، ولست واثقًا بهذا لكن استبعاد وقوع الطلاق بمعنى الزمان اللطيف والتعليق بالعصر والدهر والحقب حق، ويؤيده أن أهل اللغة أوردوا أن الحقب بسكون القاف ثمانون سنة، وربما زادوا على الثمانين، والحقب بضمتين: الدهر، والحقبة بكسر الحاء واحدة الحقب وفسر أهل اللغة الحقب بسكون القاف بثمانين سنة، وليس في كتب الفقه ما يخالفه وإذا علَّق الطلاق بالضرب، طُلِّقت إذا حصل الضرب بالسوط أو الوكز أو اللكز، ولا يشترط إلاَّ تكون حائل، والأشْهَر أنَّه يعبر أن يكون فيه إيلام، ومنهم من لم يشترط الإيلام، واكتفى بالصَّدْمة لأنَّه قد يضرب مجتمع اللَّحْم من الإِنسان بجميع الكَفِّ فيلتذ به التذاذ المَغْمور، وهو ضَرْب، وليس بإيلام وإلى هذا قال الإِمام أنَّ الإِيلاَم وحْده لا يكْفِي؛ فإنه لو وضع حَجَرًا ثقيلاً عليه انصدم حتى تحْته، لم يكن ذلك ضربًا، وإن حصل الإِيلام، وإن الصدمة المجردة لا تكفي فإنَّه لو ضَرَب أنملة على إنْسَان، لا يقال: إنه ضربه، وكان المعتبر في إطلاق اسْم الضَّرب الصدم بما يُؤْلم أو يتوقع منه إيلام، ويدل عليه اتفاق الأصحاب على أنَّه لا يقع الطلاق، إذا كان المَضْروب مَيِّتًا؛ لأنه ليس في مظنة الإيلام، وأثبت القاضي الرُّوياني فيه خلافاً، فقال بعد ذكر المسألة وحُكْمها وَغَلَطِ من قال غيره، والعض، وقطْع الشّعر، لا يسمى ضربًا، فلا يقع به الطلاق المعلَّق بالضرب، قاله ابن سُرَيْج، وعن المُزَنِّي توقُّفٌ في العض؛ لحصول الصدمة والإِيلام، فكأنه ضَرْبٌ بالسن.
الثانية: لو علق بالمس، وقع الطلاق إذا مسَّت شيئاً من بدنه حيًّا، كان أو ميتاً، ولا يُشْتَرَط ألاَّ يكون وراءه حائلٌ ولا يقع بمَسِّ الشعر والظُّفُر، قال الإِمام: الوجْه القطع وإن ذكرنا تردُّداً في أن الطهارة هل تنتقض بمسها من إنسان إن لمسه؟ وليس هذا بالبين، والأشبه مَجِيْء التردُّد فيه.
الثالثة: إذا علَّق بقدوم زيد، طلِّقَتْ إذا قَدِم راكبًا أو ماشياً، وإن قدِم به ميتاً لم يقع فإنه لم يَقْدَم، وإن حُمِل وقَدِم به، نُظِرَ؛ إن كان بأمره واختياره، فهو كما لو قَدِم راكبًا، وإن لم يكن بأمره، لم يقَعْ، سواءٌ كان زَمِنًا أو صحيح البدن، هذا هو الظاهر، ويأتي فيه خلاَفٌ لأن صاحب "المهذب" وغيره نقلوا طريقاً فيما إذا حلف أن يدخل الدار، فحمل بغَيْر إذنه واختياره وأُدْخِل؛ أنه على القولَيْن فيما إذا أُكْرِه حتَّى دَخَل