قدَّم شرط الكلام، فقال: "إن كلَّمتِ زيداً، إن دخلْتِ الدار، فأنتِ طالقٌ"، على خلاف التصوير الذي ذكرناه، ومعلوم أن الجواب في مثْل ذلك يختلف باختلاف التصوير، فعلى المشهور يُشْترط هاهنا تقدُّم الدخول، فإذا دخلَتْ تعلَّق طلاقها بالكلام، والذي ذكر في الكتاب أنها إذا (?) كلمت أولاً، تعلَّق طلاقها بالدخول ينطبق على ما حَكَيْنا عن فتاوى القفَّال، لكنه لم يُرِد ذلك؛ لأنه صَوَّر في "البسيط" فيما إذا قال: إن دخلْتِ الدار، إن كلَّمْتِ زيداً، فأنتِ طالقٌ، وأجاب بالجواب المشهور، فالذي اتَّفَق هاهنا محمولٌ على سبْق القلم، فإما أن يعتبر قوله: "إن كلمتِ إنْ دخلْتِ" بالتقديم والتأخير، ويُتْرك الجواب بحاله وإما أن يُجْعَل الجواب إذا دخلْتِ ولا يعلَّق طلاقها بالكلام، ويُتْرَك التصوير بحاله.

فروع: لو قال: إن دخلْتِ الدار، فأنتِ طالقٌ، إن كلَّمتِ زيداً، فهذا يحتمل أن يراد به أنها إذا دخلَتِ الدار، تَعلَّق طلاقها [بالكلام وقد يراد به أنها إذا كلمته تعلق طلاقها] بالدخول، فيراجع ويحكم بموجب تفسيره.

ولو قال: إنْ كلَّمتِ زيداً وعمراُ أو بكراً مع عمرو، فأنتِ طالقٌ، فإنما يقع الطلاق، إذا كلَّمَتْ زيداً وعمراً، وأظْهَرُ الوجهيْن أنَّه يُشْترط كوْن بكر مع عمْروٍ وقْت الكلام معه، كما لو قال: إن كلَّمتِ فلاناً، وهو راكب.

قال: أبو سعْد المتولِّي، وفي كلام البغداديين إذا أراد أحدُهم أن يعلِّق طلاق امرأته بالدخول، يقول: أنتِ طالقٌ، لا دخَلْت الدار، كما يقول الحالف: والله، لا دخلْتُ الدار، والمعنى: إن دخلْت الدار، فأنتِ طالقٌ، وعلى هذه العادة.

قال ابن الصبَّاغ: إذا قال: أنتِ طالقٌ، لا كلَّمت زيداً وعمراً وبكراً، فإن كَلَّمَتْهم، طُلِّقَت، وإن كلَّمت بعضَهُم، لم تُطلَّق، ولو قال لا كلَّمت زيداً ولا عمراً ولا بكراً، فأيَّهم كلَّمتْه، طُلِّقت. ذكر ابن سريج أنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ، إن كلمتِ زيداً حتى يدخل عمرو الدار أو إلى أن يدخل، فالغاية تتعلق بالشرط، لا بنفس الطلاق، والمعنى إن كلَّمتِ زيداً قبْل دخول عمرو، فأنتِ طالقٌ، فإنما تُطلَّق إذا كلمته قبل قدومه.

المسألة الثالثة: إذا قال لأربع نسوة تحته: أربعكن طوالقُ إلاَّ فلانة، أو إلا واحدة على الإِبهام.

فعن القاضي الحُسَيْن، وهو المذكور في التتمة: أنَّه لا يصحُّ هذا الاستثناء، ويطلَّقْن جميعاً، ووجهه بسببين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015