الحَالِ عَلَى وَجْهٍ، وَتَبَيَّنَ الوُقُوعُ أَوَّلَ النَّهَارِ عَلَى وَجْهٍ. وَلَوْ قَدِمَ لَيْلاً لَمْ تُطَلَّقْ أَصْلاً عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قال: أنْتِ طالقٌ يوْمَ يَقْدَمُ فلان، فإن قَدِم في أثناء النَّهار، فلا شكَّ في وقوع الطلاق؛ لحصول الوصف المعلَّق علَيْه، لكن يقع في الحال أو يتبين وقوعه في أول النهار، فيه وجهان:

أقواها: وبه أجاب ابن الحَدَّاد: أنَّه يتبين وقوعُه من وقْتِ طُلوع فجر ذلك اليوم؛ لأن الطلاق معلق باليوم الَّذي يوجد فيه القُدُوم، وإذا وُجِدَ القُدوم، فهو ذلك اليوم، فأشبه ما إذا قال: أنتِ طالقٌ يوم الجمعة تطلق (?) بطلوع الفجر يوم الجمعة.

والثاني: ونسب إلى ابن سُرَيْج: أنها تطلَّق عَقِيب القُدُوم؛ لأن الطلاق معلَّق باليوم والقدوم، فلا يقع قبْل القدوم كما لا يقع قبْل مجيْء اليوم، والوجهان كالقولين فيما إذا نَذَر صوْم اليوم الَّذي يَقْدَمُ فيه فلانٌ، فقَدِم في خلال اليوم، هل ينعقد النَّذْر فيلزم به صوْم يوم أو هما مأخوذان من هَذْين القولين؟ وهما مذكوران في "كتاب النَّذْر" لو ماتَت المرأة، ثُمَّ قَدِمَ فلان في ذلك اليوم، فعلى الوجه الأول: باتت مطلقة، ولا ميراث للزوج منها، إذا كان الطلاق بائناً، وكذلك لو مات الزوج بعْد طلوع الفجر ذلك اليوم، ثم قدِم فلان، لا ترث هي منه، وعلى الوجه الثاني؛ يثبت الإِرْث، ولو خالعها في أول النهار، ثم قَدِم فلان، فعلى الوجه الأول؛ الخُلْع باطلٌ إن كان الطلاق بائناً، وإن كان رجعياً، فهو على الخلاف في خُلْع الرجعية، وعلى الثاني الخُلْع صحيحٌ، ولا يقع الطلاق بالقُدُوم، ولو كانت ظاهراً في أول النَّهار، فحاضَتْ، ثم قدِم فلان، فعلى الوجْه الأول؛ يحسب بقية ذلك الظُّهْر قرءاً وعلى الثاني بخلافه، ويجري الخلاف فيما إذا قال: عبْدي حرٌّ يوْم يَقْدَمُ فيه فلان، فباعه في ذلك اليوم، وقَدِم آخَرِهُ، هل يصحُّ البيع وهذه الصورة مذكورة في الكتاب في النُّذُور، ولو قَدِم فلان ليْلاً، فوجهان:

أصحُّهما: وهو الذي أورده أكثرهم: أنَّه لا يقَعُ الطَّلاق؛ لأن الشرط لم يحْصُل.

والثاني: يقع، ويُحْمَل اليوم في مثل ذلك على الوقت والزمان، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] أراد وقت القتال، ومن قال بالأول، قال: اللفظ لحقيقته، فإن فُسِّرَ بالوقت ألزم حكمه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاَثِ طُلِّقَتْ ثَلاَثاً، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْداً إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَمَعْنَاهُ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ فَإِذَا كَلَّمَتْ زَيْداً أَوَّلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015