قَالَ الغَزَالِيُّ: فَإِذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لاَ؟ فَالأَصْلُ عَدَمُ الطَّلاَقِ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: إنْ كَانَ هَذَا غُرَاباً فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الآخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غرَاباً فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَشْكَلَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى واحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجَتُهُ، وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ إنْ كَانَ غُرَاباً فَزَيْنَبُ طَالِقٌ وَإِلاَّ فَغَمْرَةُ فَعَلَيْهِ أن يَمْتَنِعَ عَنْهُمَا، وَلَوْ جَرَى مِنْ شَخْصَيْنِ فِي عَبْدَيْنِ تَصَرَّفَا فِيهِمَا، فَلَوِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا العَبْدَ الآخَرَ صَارَ مَحْجُوراً فِيهِمَا، وَقِيلَ يَتَعَيَّنْ للِحَجْرِ المُشْتَرَى.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا شكَّ الرجُل في طلاق امرأته، لم يُحْكَم بوقوع الطلاق؛ لأن الأصْل عَدَمُه وبقاء النكاح، وهذا كما أنَّه يَسْتَصْحِب أصْل التحريم عنْد الشكِّ في النِّكَاح, وأصْلَ الطهارة عنْد الشك في الحَدَث، وبالعكس قال الإِمام -رحمه الله- وهذا إذا انحسم باب الاجتهاد، وطرأ الشك يؤيد أحَدَ طرفي الشَّك باليقين السابق، ويستصحب ما كان، فأما إذا أمكن الاجتهاد؛ كمسائل الاختلاف نحو اختلاف العُلَمَاء في بَقَاء النِّكاح وعدمه مثلاً، فإنا لا نقول: تردُّدُنا في بقاء النكاح يستصحب الأصْل الذي كان، بل الطريق فيها الاجتهاد والاعتماد على الدلائلِ، والشكُّ في الطَّلاق قد يتفق في صورة التنجيز، وقدْ ينشأ في صُورة التعليق من الشك في حصول الصفة الملعَّق عليها، كما إذا قال: إنْ كان هذا الطائر غرابًا فزوجتي طالقٌ، وشَكَّ في أنه هل كان غراباً أو قال: إنْ كان غُرَاباً فزينبُ طالقٌ، وإن كان حَمَاماً، فعَمْرة طالقٌ، وتردَّد في أنه كان غراباً أو حماماً أو جِنْساً آخر، ولو شَكَّ في عَدَدِ الطَّلاق، فيأخذ بالأقَلِّ،