السرقة بين هؤلاء، يريد الحَصْر فيهم، ولا يريد التشريك بينهم، والوجهان على ما في "النهاية" و"التهذيب" وغيرهما مخصوصان بما إذا قال: أوقعتُ بينكن، أمَّا في قوله: "عليكن" وقال: يُقْبَل هذا التفسير، ويعمم الطلاق، واعْلَمْ أنا ذكَرْنا فيما إذا قال: كلُّ امرأة لي طالقٌ أو نسائي طوالقُ وجْهاً عن ابْنِ الوكيل، وغيره: أنه لو قال: أردتُّ بعضهن، يُقْبَلُ، وذلك الخلاف يَجْري لا محالَة في قوله: أوقَعْتُ عليكن طلقةً، فكان المراد هاهنا أنَّا إذا أجبنا بظاهر اللَّفْظ، وقُلْنا: لا يُقْبَل التخصيص في قوله: نسائي طَوَالِقُ، وفي قوله: أوقعْتُ عليكنَّ طلقةً، ففي قوله: أوقَعْت بينكنَّ هذان الوجهان، وإذا قلنا: لا يُقْبَل فذلك فيما إذا أخرج بعضهن عن الطلاق، أمَّا إذا فضل بعضَهُن على بعض مثل أن يقول: أوقعْتُ بينكنَّ ثلاث طلقات، ثم قال: أردتُّ إيقاع طلقتين على هذه وقَسَّمْت الأخرى على الباقيات، فوجهان:

أظْهرهما: أنَّه يُقْبَل، وبه قال الشيخ أبو علي -رحمه الله- ونسبه القاضي ابن كج -رحمه الله- إلى نص الشَّافعي -رضي الله عنه- لأنَّه لم يخرج واحدة عن الطلاق، والعَدَد المذكور يكون بينَهُنَّ، وإن تفاوتن في القدر الذي يلحقُهُنَّ، وهذا كَمَا أنَّه يصحُّ أن يُقَال: هذه الدار بَيْن فلان، وفلان، وإن تفاوتا في القَدْر والمستحَقِّ.

والثاني: عن رواية أبي الحُسَيْن بن القَطَّان: أنَّه لا يُقْبَل، ويجب استواؤهن، وإن قلْنا: يُقْبلَ، فذلك فيما إذا لم يتعطل شيْء من الطَّلاَق، وإن تعطَّل كما إذا قال: أوقعتُ بينكُنَّ أربع طلقات، ثم خصَّصهما جميعاً بواحدة منهن، فوجهان:

أحدهما: يُقْبَل أيضاً لأنا نفرِّع على قوْل التخصيص، وإذا قلنا: التخصيص فهَذَا من موجباته، ولواحقه ولكنه قال: لواحدة: أنْتِ طالقٌ أربعاً.

وأقربهما المَنْع؛ لأنَّه خَاطَب بعَدَد من الطلاق مَنْ يَقْبَل ذلك العدد، فيبعد تعطيلُه، وإحباطُهُ، وحيث قلنا: لا يُقْبَل، فذلك في النفي عن مَنْ يُنْفَى عنها، وأمَّا في الإِثبات في حق من يثبت، فيؤاخذ بموجب إقراره حتَّى إذا أوقع بين أرْبَعٍ طلقات، ثم قال: أردتُّ أن تقع على هذه طلقتان، وعلى هذه طلقتان، وتبقى الأخريان على النكاح، فَيَلْحَقُ كلَّ واحدة من الأولتَيْنِ طلقتان، والخلاف في الأخيرتين، فإن لم يُقْبَلْ ما يقوله، وقع على كل واحدة منْهما طلقةٌ وفيما إذا خصَّص الأربع بواحدة، وقلنا بعدم القبول، فيَقَع على الَّتِي طلقها ثلاثاً بإقراره، وعلى الأخريين طلقتان، وإذا قال: أوقعتُ بينَكُنَّ خمْسَ طلقات، لبعضكن أكثر مما لبعض، فلا يجيْء الخِلاَف في أنَّه يُصَدَّق ويفضل بعضهن، ويجيْء في تصديقه في إخراج بَعْضِهِنَّ.

ولو قال: أوقعتْ عليكُنَّ نصْفَ طلقة: أو ثلثها، وَقَعَ على كل واحدة طلقة، ولو قال: أوقعتُ بينكن خُمْسَ طلقة، وسدس طلقة، وثلث طلغة، فيبنى على الخلاف، السابق فيما إذا خَاطَبَ به واحدةً، فإن قلْنا: لا يَقَعُ به إلا طلقة واحدة، فكذلك هاهنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015