أنَّه لا يقع الطَّلاق، ولا تعودُ اليمين، وجعَلَه في القديم على قولين؛ فيحْصُل من ذلك في المسألة ثلاثة أقوال:

أحدها: وبه قال أحمد: أنَّه يقَع الطلاق، وتعود اليمين سواء أبانها بثلاث أو بما دونها؛ لأنَّ التعليق والصِّفَة وُجِدَا جميعاً في المِلك، وتخلل البينونة لا يُؤَثِّر لأنه ليس وقت الإِيقاع ولا وقت الوقوع.

والثاني: وبه قال: أبو حنيفة ومالك -رحمهم الله-: أنَّه إن أبانها بثلاث، لم تعد اليمين؛ لأنَّه استوفى ما علق من الطلاق، وهذه طلقات جديدةٌ وإن أبانها بما دون الثلاث، عَادَت ووقع الطَّلاقُ لأنَّه العائد البَاقِيَ، من الطَّلاق فتعود بصفتها، وكانت معلَّقة (?) بذلك الفِعْل المعلَّق عليه فتَعُود كذلك، وتدخُل في البينونة بما دون الثلاث، الخُلْع، والطَّلاق قبل الدُّخُول والرِّدَّة.

والثالِثُ: أنَّها لا تَعُود، ولا يقع الطَّلاق بحال، وبه قال المزنيُّ؛ لأنَّه تخلَّل بين التعليق والصِّفَة حالة (?) يمتنع وقوع الطلاق فيها (?) فرفع حكم اليمين، ولأنَّه تعليقٌ سبَق هذا النِّكَاح، فلا يُؤثِّر فيه بالطَّلاق، كما لو علَّق طلاقها قَبْل أن ينكحها.

واحتج المزنيُّ بأن قوله "إن دخلْتِ الدار، فأنْتِ طالقٌ" إما أن يكون النكاح الثاني مراداً به أو يكون المرادُ هو النكاحَ الأَوَّلَ، ولا يجُوز أن يكون الثاني مراداً؟ لأنَّه يكون تعليقَ طلاقِ قبْل النكاح؛ فيتعين الأول، وذلك النكاح قد ارتفع، وما الأظهر من هذه الأقوال؟ رجح الشيخ أبو حامد وطائفة الأوَّلَ منها، وإلَيْه ذهَب الشيخ أبو إسحاق الشيرازي.

وقال آخرون: المذهَبُ القوْل الثاني الفارق، واختاره الإِمام وابن الصَّبَّاغ وغيرهما، والثالث الذي اختاره المزنيُّ، ويشبه أن يكون هذا أقوى توجيهاً.

وإن قلْنا به، فلو كانت الصفة المعلَّق عليها مما لا يمكن إيقاعه في حالة البينونة، كما إذا قَالَ: إن وطئتُكِ، فأنْتِ طالقٌ ثلاثاً، فيتخلص إذا أبانها ثم نكَحَها، ولا يقَع الطلاق بالوطء في النكاح الثاني، وبه أجاب القاضي الرُّويانيُّ، أنَّه إذا قال لامرأته إذا بِنْتِ منى، ونكحْتُكِ ودخلت الدار فأنْتِ طالقٌ [أو قال إن دخلت الدار بعدما بنت منى ونكحتك فأنت طالق] فالَّذي صحَّحه المعتبرون من الأصحاب منهم القفَّال: أنه لا يقع الطلاق، إذا دخلَتِ الدار بعْد البينونة والنكاح، ولا يخرج على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015