الطلاق اشتهار تلْك اللفظة، وربما أتى بها من الزوجة، فإن اشتهر في بُقْعَة في الطلاق فلا فَرْقَ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (أما الكِنَايَة): فَهِيَ كُلُّ لَفْظٍ مُحْتَمَل كَقَوْلِهِ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَبَريَّةٌ وَبَائِنَةٌ وَبَتْلَةٌ وَاعْتَدِّي وَاسْتَبرِئِي رَحِمَكِ وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبكِ وَلاَ أَنْدَهُ سَرْبَكِ وَاعْزُبِي وَاذْهَبِي وَاخْرُجِي وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَخْفَى مِنْهُ قَوْلُهُ تَجَرَّعِي أَيْ: كَأْسَ الفِرَاقِ وَذُوقِي وَتَزَوَّدِي، أَمَّا قَوْلُهُ: اشْرَبِي فَفِيهِ خِلاَفٌ، وَقَوْلُهُ: كُلِي أَبْعَدُ مِنْهُ، وَتَرَدَّدُوا في قَوْلِهِ: أَغْنَاكِ اللَّهُ، أَمَّا الَّذِي لاَ يُحْتَمَلُ كَقَوْلِهِ: اقْعُدِي وَاغْرُبِي.
قال الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني: الكنايات، وكما يقع الطَّلاَق بالصريح، يقع بالكناية مع النية بالإجماع (?)، وقد رُوِيَ أن رجُلاً على عهْد عمر -رضي الله عنه- قال لأمرته حَبْلُك على غَاربِكِ، فلقيه عمر -رضي الله عنه- فقال: أَنْشُدُك ربَّ هذا البيت: هل أردتَّ بقولك "حَبْلُكِ على غَارِبِكِ" الطَّلاقَ؟ فقال الرجل: أردتُّ الفراقَ، فقال: هو ما أردتَّ.
والكنايات على كثرتها وخروجها عن الحَصْر تنقسم إلى: جليَّة، هي التي يكثر اسْتعمالُها في القرآن، وتقوي دلالتها عليه، وإلى: خفية؛ وهي التي تنحط مرتبتها من الوجْهَيْن، أمَّا الجليَّة: ففي تعليق الشيخ أبي حامد؛ حصَرها في ستَّة ألفاظ، وهي؛ أنت خليَّة (?) وبريَّة، (?) وبَتَّة (?) وبتلة (?) وبائِن (?) وحرامٌ، وأضاف إليها أبو الفرج السرخسيُّ أربعةً أخرى، وهي؛ أنت حُرَّةٌ، وأنت واحدةٌ، واعتدِّي، واستبرئي رَحِمَكِ، وحَصَرها في هذه العشرة، وكلام الإِمام وصاحب الكتاب يقارِبُ الأوَّل، وعدُّ الحرام من الكنايات جواب على أنَّه لا يلتحق بالصرائح، أو فرض في البقاع الَّتي لم يشتهر اللفْظ فيها، والبَتْل: القَطْع، كالبَتِّ، وهما مصدران، وأما الخفيَّة كقوله: اعتدِّي، واستبرئي رَحِمَكِ، على طريقة الشيخ أبي حامد، أي طلقتك فاعتدِّي، وكقوله: الْحَقِي بأهْلِكِ (?)،