فكذلك؛ لأن ابتداءه مبَاحٌ، وفيه وجْه: أنه يجِبُ إذا كان عالماً بالتحريم، وهل يجب المهر؟ حكمه حكم ما لو قال إن وطئْتُكِ، فأنت طالقٌ ثلاثاً، فغيب الحشفة، واستدام، وهذه الصورة قد ذكرناها في "الصوم"، وبيَّنا أن الأصحَّ أنه لا مَهْر؛ لأن مهر النكاح يتناول أوَّل هذا الوطء، فلا يجب به شَيْء آخر، وادعى صاحب "العُدَّة" أن ظاهر المذهب الوجُوبُ.
وقوله في الكتاب: "واللام فيما ينتظر للتأْقِيتِ" معناه: أن اللاَّم في قوله "للسُّنَّة" إذا لم يكن الحال حال السُّنة، وفي قوله: "للبِدْعة" إذا لم يكن الحال حال البدعة تحمل على التأقيت؛ لأنهما حالتان منتظرتان يتعاقبان على المرأة تعاقُبَ الأيام والليالي، وتتكرران بتكرر الأسابيع والشهور، فأشبه ما إذا قال: أنت طالِقٌ لرمضان، ومعناه ومفهومه: إذا جاء رمضانٌ فانتِ طالقٌّ، نعم إذا دخل حرف اللام على ما لا يُنْتَظَر مجيئه وذهابه، فهو للتعليل، وذلك مثل أن يقول أنتِ طالقٌ لفلان أو لرضاء فلان، فيقع في الحال رَضِيَ أم سَخِط (?)، والمعنى فعلت هذا ليرضى، وعن ابن خيران أن فيما نقل الحناطي: أنه إنما يقع في الحال إذا نوى التعليل، أما إذا طلَّق ولم تكُنْ له نية، فإنما يقع إذا رضِيَ فلان، كما في قوله: أنتِ طالقٌ للسُّنَّة، والمشهور والمنصوص الأول، ونُزِّلَ ذلك منزلة قَوْل القائل: أنْت حُرٌّ، إن شاء الله لوجه الله، وحيث يُحْمَل على التعليل، فلو قال: أردتُّ التأقيت والتعليق، فيقبل في الباطن، ويدين، وهل يقبل في الظاهر؟ فيه وجْهَان، سيأتي نظائِرهما، والأصحُّ المَنْع ولو قال: أنْتِ طالقٌ برضا فلان، أو بِقُدومه، فهو تعليقٌ كقوله: إن رضي [فلان] (?) أو قدم، قاله صاحب "التهذيب" [وحيث] (?) حملنا قولَهُ للسُّنَّة أو للبدعة على الحال المنتظرة، فلو قال: أردتّ الإيقاع في الحال، وقَع؛ فإنَّه غير متهم فيما يُقِرُّ على نفسه، من تغليظ، وهو كما لو قال: أنتِ طالقٌ إن دخلْتِ الدار، وقال: أردتْ الإِيقاع في الحال، وسبَقَ لساني إلى ذكْر الدخول.
وقول القائل: أنتِ طالقٌ لا للسنة، كقوله: للبدْعَة، وقولُه: لا للبدعة، كقوله: