الوجْه لتمام شِقَّيْ العقد، وفي مجامع الإِمام وصاحب الكتاب -رحمهما الله- أن المال إنما يجب عند حُصُول البينونة، ولا شك أنه لا رجُوعَ لها بعد القَبُول، وأما إذا قالت طلقني غَداً ولك ألف أو إن طلَّقْتَنِي في هذا الشهر، فلك ألْفٌ وهما الصورتان المتقدمتان في الفَصْل السابق، فلها الرجُوع قَبْل التطليق؛ لأن الجواب به يحصل، وما يستحقه الزوج هناك، يستحقه عند التطليق.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الرَّابعُ فِي اخْتِلاعَ الأجْنَبِيِّ): وَهُوَ صَحْيحٌ كَاخْتِلاَعِهَا وَلاَ يُشْتَرَطُ رِضَاهَا لَكِنَّ المَالَ يَجِبُ عَلَى الأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلاً عَنْ جِهَتِهَا تَخَيَّر بَيْنَ أَنْ يَخْتَلِعَ مُسْتَقِلاَّ أَوْ بِالوكَالَةَ يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِهِ وَنِيَّتِه، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ وَنَوَى النِّيَابَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ العُهْدَةُ كَمَا فِي الشِّرَاءِ، وَإِن اخْتَلَعَ بِوَكَالَتِهَا ثُمَّ بَانَ أنَّهُ كَاذِبٌ تَبَيَّنَ أَن الطَّلاَقَ غَيْرُ وَاقِعٍ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الخُلْعُ مع الأجنبي من غير رضا الزوجة جائزٌ، والتزامه المَالَ من عنْد نفسه فداءٌ للمرأة، كالتزام المال لعتق السيد عَبْدَه، وقد يكون له فيه غرض، بأن كان الزوج ظالماً بالإِمساك، وتعذر إزالة يده بالحجة أو كان يُسِيءْ العشرة، ويمنع الحقوق، فأراد المختلع تَخليصَها، وذكَر الأئمة أن صحَّة الخُلْع مع الأجنبي مفرَّع على أن الخُلْع طلاقٌ، فإن الطلاق أمر يستقل به الزوج، فجاز أن يسأله الأجنبي على مَالٍ، كما إذا قال: أَلْقِ متاعك في البَحْر وعلي كذا، فاما إذا قُلْنا: إنه فَسْخ، فالفسخ من غير علة لا ينفرد به الرَّجُل، فلا يصلح طلبه منه، ولْيُعَلَّم لذلك قوله في الكتاب "وَهُوَ صحيح كَاخْتِلاَعِهَا" بالواو، ولا يجيْء هذا الخلاف فيما إذا سأله الطَّلاَق [فأجاب] (?)، لأن الفُرْقة الحاصلة عنْد استعمال لفظ الطلاقِ طلاقٌ لا محالةَ، وإنما الخلاف في لفظ الخُلْع.
ثم خُلْع الزوج مع الأجنبي كخُلْعِه مع الزوجة في الألفاظ والأحكام، وهو من جانب الزوج معاوضةٌ فيها معْنَى التعليق، ومن جانب الأجنبي معاوضةٌ فيها شائبة الجَعَالة، فإذا قال للأجنبي طلقْتُ امرأتي وعليك كذا، وقع الطلاق رجعيّاً، ولم يلزم المال، ولو قال له الأجنبي طلِّقْها ولك ألف، أو على ألف، فطَلَّقَ، وقع بائناً، ولزمه المال ولو اختلعها عبْدٌ، كان المال في ذمته، كما لو اختلعت الأمة نفْسَها، ولو اختلعها سفيةٌ، وقع الطلاقُ رجعيّاً، كما لو اختلعت السفيهة نفسَها.
ويجوز أن يكون الأجنبيُّ وكيلاً من جهة الزوجة في الاحنتلاع، وحينئذٍ فيتخير بيْن أن يختلع استقلالاً وبين أن يختلعَ وَكالةً عنْها، فإن صرَّح بالاستقلال، فذاك، إن صرَّح