كانَتْ قد وكَّلَت وكيلين أيضاً، فقَبِلَ وكيلاها من وكيليه معاً، لم يقَعْ شَيْءٌ، كما لو وَكَّل وكيلاً ببيع عبْده بألف، وآخَر ببَيْعه بألفين، فعَقَدا معاً لا يصحّ البيع وفي "فتاوى القَفَّال"؛ أنه لو وكَّل رجلاً بأن يطلق زوجته ثلاثاً، فطلَّقَها واحدةً بألف، تقع رجيعةً، ولا يثبت المال، وقضيته هنا أن يقال: لو طلَّقها ثلاثاً بألف، لا يثبت المال أيضاً، ولا يبعد أن يصار إلى ثُبُوت المال، وإن لم يتعرض الزوج له، كما لو قال: خالِعْها بمائَةٍ، فخالع فأكثر، يجوز، وإن لم يتعرضِ المُوَكِّل للزيادة؛ وهذا لأن الموكَّل به الطَّلاقُ، والطلاقُ قد يكون بمال، وقد يكون بغَيْر مال، فإذا أتى بما وكَّله به على الوَجْه الَّذي هو خَيْر، وَجَبَ أن يَجُوز.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الخَامِسُ الصِّيغَةُ): وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي الرَّجْعَةَ فَهُوَ طَلاَقٌ رَجْعِيٌّ وَسَقَطَ الدِّينَارُ عَلَى قَوْلٍ، وَفِي القَوْلِ الثَّانِي فَسَدَ شَرْطُ الرَّجْعَةِ وَوَقَعَتِ البَيْنُونَةُ عَلَى مَهْرِ المِثْلِ.

قال الرَّافِعِيُّ: قد مرَّ مما يتعلق بالصِّيغة [مسائلُ] في التفريع، على أن الخُلْع فَسْخ أو طلاقٌ وإذا قال الزوج: خالَعْتُكِ بألف درهم، فقالت: قبلْتُ الألف، ففي "فتاوى القَفَّال"؛ أنَّه يصح ويلزم المال، وإن لم يقُلِ اختلعتِ، وكذا لو قال الأجنبي، خالعت زوجتي على كذا، فقال؛ قبلته، وأن أبا يعقوب غَلطَ، فقال في حق المرأة: لاَ بُدَّ، وأن تَقُولَ: اختلَعْتُ، والأجنبي لا يحتاج إلَيْه، [ولو قال لامرأته بل طلاق أزمن مخريدي فحدس فقالت خريدم لم يَكْفِ إلا أن يقُولَ الزوج بعده: فروختم، ولو قال لحر فقال: نديدم أو قالت: بل طلاق نيوفروختم فحدس خريدي، فقالت: خريدم، صَحَّ] (?) وقول قال المتوسط للزوجة: اختلعْت نَفْسَكِ من زوجك بكذا، فقالت: اختلعت، ثم قال للزوج وهو في المجلس خالَعْتَها، فقد خالعت، فجواب الشيخ الفرَّاء صحَّةُ الخُلْع، وقد ذَكْرنا في نظيره في البيع خلافاً، وذلك الخِلاَف جاء في الخُلْع، والنكاح والأظْهَرُ ما أجاب به، قال: ولو لم تسمَعِ المرأة قول الزوج، وكان السَّفِير يسَمْع كلامهما، كفى، الإسماع ليس بشرط؛ ألا ترى أنَّه إذا خاطب أصَمَّ، فأسمعه غير المخاطب، فقبل صحَّ العقد، وضمَّن صاحب الكتاب رحمه الله الركنَ صُوَراً:

إحداها: إذا طلَّق امرأته على عِوَضٍ أو خالَعَها, لم يكنْ له الرجْعَة، سواءٌ كان العوض صحيحاً أو فاسداً وسواء جعلنا الخُلْع فسخاً أو طلاقاً؛ لأنها بذلت المال؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015