أحدهما: أن مالك الطلاق هو الزوجُ فإذا خالفه نائبه، لم ينْفَذْ [منه]، والمرأة لا تملك الطَّلاق، وإنما إلَيْها قَبُول المال، فمخالفة وكيلها تؤثر في المال، والبينونة لا يندفع بفساد المال المجعول عِوَضاً.

والثَّاني: أن الخُلْع من جانب الزَّوْج نازعٌ إلى التعليق، فكأنَّه علَّق الطلاق بذلك المقدَّر، فإذا نقص الوكيل لم تحصل الصفة، وجانب الزوجة بخلافه، وفيما علّق عن الإِمام أن ما ذكره المزنيُّ قولٌ مُخْرَجٌ عن أصل الشَّافعي -رضي الله عنه-، قال: وأرى كل اختيار له تخريجاً، فإنَّه لا يخالف أصول الشافعيِّ -رضي الله عنه- لا كأبي يوسف ومحمد؛ فإنهما يخالفان أصول صاحبهما، وُيشْعر به قولُه في الكتاب "فَالنَّصُّ وُقُوعُ البَيْنُونَةِ"؛ لأن مثل ذلك إنما يطلق حيث يكون ثَمَّ تخريجٌ، الذي ذهب إليه المزنيُّ أنَّه لا يقع الطلاق أصلاً، وفي "المجرد" للحناطي حكايةُ قولٍ آخرَ، أنَّه يقع الطلاق ولا يلزمُها شيْء ولا الوكيل، والظَّاهر من المَذْهب حصول البينونة، وفيما على الزوجة قولان:

أصحُّهما: وهو نصَّه في الإِملاء أنَّ الواجب عليها مهْر المثل، زاد على ما قدرته أو نقص؛ لأن عوض الخُلْع إذا فسد كان الرجوع إلى مهر المثل.

والثاني: عن نصِّه في "الأم" أن الواجب أكْثَرُ الأمرين من مهْر المثل، وما سمته هي؛ فإنْ كان مهر المثل أكْثَرَ فهُو المرجوع إلَيْه عنْد فساد المسمى وإن كان الذي سمَّتْه أكثر لزمها؛ لأنها قد رضَيتْ به والتزمته، وإذا كان مهْر المثل زائداً على ما سَمَّاه [الوكيل، لم تجب الزيادة على ما سماه] (?) على هذا القول، وكذا لو كان [ما] (?) سمَّاه الوكيلُ أكْثَرَ من مهْر المثْل لا تجب الزيادةُ؛ لأنَّ الزوج رَضِيَ به، وعبر في الكتاب عنْ هذا القَوْل بأنَّه "يلزمها ما سمَّتْ وزيادة الوكيل أيْضاً" يلزمها إلاَّ ما جاوز من زيادته على مَهْر المثل"، فلا تَجِبُ تلْك الزيادة، وأهْمل الطَّرَف الآخر، وهو أن يَكُون مَهْر المِثْل أكْثَرَ، فإذا قُدِّرَتْ مائة، وسَمَّى الوكيل مائتين، ومهر مثلها تسعون، فالواجب تسعون على القول الأول، ومائةٌ على الثاني، ولو كان مهر المثل مائةً وخمسين، فالواجب مائةٌ وخمسون على القولين، ولو كان مهْرُ المثل ثلاثمائة، لم يجبْ على القول الثاني إلاَّ مائتان، والعبارة الوافية بمقصود القول أن يقال؛ يَجِبْ عَلَيْها أكْثَرُ الأمرين ممَّا سمَّتْه هي ومن أقل الأمرين من مهْر المثل، وما سماه الوكيل وحُكِيَ قول ثالث: أنَّه إذا زاد الوكيل، فالمرأة بالخيار إن شاءت أجازت بما سَمَّى الوكيل، وإن شاءت ردَّتْ، وعليها مهر المثل، وهل يطالَبُ الوكيل بالواجب عليها؟ قال الأئمة -رحمهم الله-: لا يطالَبُ إلا أن يقول على أني ضامن، فيطالَبُ بما سمى، وإذا أخذه الزَّوْج منْه، ففي "التهذيب"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015