التقدير، فالنص أنه لا يقع الطلاقُ، وإن نقص عن مهر المثل في صورة الإِطلاق، فالنَّصُّ وقوعُ الطَّلاَق وفيها طريقان للأصحاب:
أحدهما: الأخْذ بظاهر النَّصيْن وهُو الَّذي أورده الشيخ أبو حامد، والفَرْق أنَّ النقصان عن القَدْر مخالفةٌ لصريح قوْله، فلا يكون المأتيُّ به مأْذُوناً فيه، والنقصان عن مَهْر المثل لا يخالف صريح قوله، بل اللفظ مُطْلَقٌ يشمل مهر المثل وغيره، وللطلاق قوةٌ وغلبةٌ، فعموم اللفظ يقتضي وقُوعَه، وأثر المخالفة يظهر في العِوَض على ما سيأتي وأصَحُّهما التَّسْوية بين الصورتين، وجعلهما على قولين:
أحدهما: وهو اختيار المُزَنِيِّ أنَّه لا يقع الطلاقُ، كما لو وكَّله بالبيع [بمائة] (?)، فنقص أو بالبيع مطلقاً، فينقص عن ثمن المثل.
والثاني: يقع؛ لأن أصل الطلاق مأذونٌ فيه والمخالفةُ في العِوَض، كفَسَاد يتطرق إلَيْه، وأشبهَ ما إذا خالَعَهَا الزَّوْجُ علَى عِوَض فَاسِدٍ أيْضاً وسنَذْكُر أن وَكِيلَ الزَّوْجَة إذا خالَفَ يقَع الطَّلاق، فكذلك هاهنا، واتفق الناقلون على أن الأصحّ من القولَيْن فيما إذا نَقَص عن المقدر، عَدَمْ الوُقُوع، وأما إذا نقص عن مهر المثل في صورة الإِطلاق، فكذلك ورَجَّح صاحب "التهذيب" عَدَمَ الوقوع، وكأنَّه أقوى توجُّهاً لكن العراقيون والقاضِي الرُّويَانِيُّ وغيرهم رجَّحوا الوقوع وإذا قلْنا بالوقوع ففي كيفيته قولان:
أصحهما: وهو نصُّه في الإِملاء: أنَّه لا خيار فيه للزَّوْج، بل يقع بائناً، ويجب مهر المثْل، كما لو فَسَد العوض، بأن ذَكَر خَمْراً أو خِنْزيراً.
والثاني: أن للزوج خِيَاراً، وفيما فيه الخيارُ قولان: أظهرهما: أن نفس الطَّلاق لا خيار فيه، بل الطلاق واقعٌ، وإنَّما الخيار في المال وفي كيفيته قولان:
أحدهما: أنَّه بالخيار بَيْن أن يرضى بما سَمَّاه الوكيل، وبين أن يطالب بمَهْر المثل؛ لأن لفظه عامٌّ، فله أن يريد به المُسَمَّى، وإن أراد مهْرَ المثل، فهو قضية الإِطلاق، وقد يكون له غرض غير المُسَمَّى، وإن كان دون مهر المثْل وهذا التوجيه يختص بصورة الإِطلاق.
وأصحُّهما: وهو نصُّه في الأم: أنَّه بالخيار بين أن يَرْضَى بالمُسَمَّى، وبين أن لا يَرْضَى فيندفع المَالُ ويكون الطلاق رجْعِيَّا؛ لأنَّه لا يمكن إجْبَاره على المُسَمَّى؛ لأنَّه دون ما يقتضيه الإِذْن، ولا يمكن إجبارها على المُقَدَّر ولا على مهر المثْل عند الإِطلاق؛ لأنَّه فوق ما رضيتْ به فلزم اندفاع المال.