والثانية: إذا خالعها على ما ليس بمال؛ كخمْرٍ، وخنزيرٍ، وحُرٍّ بانت، فالرجوع إلى مهْر المثل، أو إلى بدل المذْكُور فيه قولان:
أصحهما: أولهما (?) وهما كالقولين فيما إذا أصْدَقَها خمراً أو خنزيراً، ولو خالع على مغصوب فكذلك، ويُفرق بيْن أن يقول: خالَعْتُك على هذا العبد، فبان حُرّاً وبيْن أن يقول: خالَعْتُكِ على هذا الحُرِّ في أظْهَر الطريقين، حتَّى يقطع بوجوب مهر المثل في الصورة الثانية؛ لفساد الصيغة، وكذا يُفرق بين أن يقول: خالَعْتُك على هذا العبد، فَبَانَ مستحقَّا، وبيْن أن يقول: خَالَعْتُكِ أو طلَّقْتُكِ على هذا العبد المغصوب، حتى يقطع بوجوب مهر المثل في الصورة الثانية.
وعن أبي حنيفة، ومالك وأحمد -رحمهم الله-: أنَّه إذا خالَعَهَا على خَمْر أو خنزير، بَانَتْ منه ولا شيءَ عليها، وعن القاضي حسين وجْه: فيما إذا خالَعَ على خَمْر أو مغصوب أنَّه يقع الطلاق رجعيّاً, لأن المذكور ليس بمال، فلا يظهر طَمَعُه في شيْء، والمشهور ما سبق، ولو خالعها على دَم، وقَعَ الطَّلاق رجعيّاً، وعلَّل بأنَّه لا يقصد بحال، فكانه لم يطمع في شيء، وقَدْ يتوقف في هذا؛ فإن الدم قد يُقْصَدُ لأغراض، ثم قضيته أن يقال: إذا أصْدَقَها دماً يجب مهر المثل لا محالة، فيكون ذكر الدم كالسكوت عن المهر، والمَيْتَةُ قَدْ تُقْصَدُ لإِطعام الجوارح، ولأوقات الضرورة؛ فالخُلْع عليها كالخُلْع على الخمر والخنزير، لا كالخلع على الدم.
وقولُه في الكتاب: "فَإِن كَانَ مَجْهُولاً فَسَدَ الخُلْعُ ونَفَذَتِ البَيْنُونَةُ" ليعلَّم بالواو؛ لأن في "التَّتِمَّةَ" ذكر وجه أنَّه لا تحصل الفرق في صورة الجَهْل وسائر صور فساد العوض، بناءً على أن الخُلْع فَسْخ، وأنه لو خالعها, ولم يذكر عوضاً، لا تحصل الفرقة، ووجْهه إلحاقُ الفَاسِد بالمَعْدُوم.
وقوله: "بمَهْر المِثْلِ" معلَّم بالحاء؛ لمَا سبق، وكذا قوله فِي الاخْتِلاَعِ بِالخَمْرِ والمَغْصُوبَ "لَزِمَ مَهْرُ المِثْلِ في قَوْل، وقيمته في قولٍ" معلمان بالحاء والميم والألف و [لا] يجوز إعلامهما بالواو؛ للوجه المَذْكُور في سائر صور فساد العوض، أنَّه لا تحصل الفرقة؛ فإنه إذا لم تَحْصُل الفرقة، لا يلزم هذا ولا ذاك وأيْضاً فللوجه المذكور عن