والثاني: لا يصح؛ لزوال الملك، وفقْدَان الحاجة إلى الافتداء، ورأى أبو سعيد المتولي بناءَ القولين على الخِلاَف في أن الطلاق الرجعيّ، هل يُزِيل ملك النكاح، أم لا؟ وهذا أصل يذكر في "كتاب الرجعة" وعن رواية الشيخ أبي علي وجه فارقٌ إنَّه يصحُّ اختلاعها بالطلقة الثالثة، دون الثانية؛ لأن الثالثة تفيد الحُرْمَة الكبرى, والثانية لا تفيد شَيْئاً وإذا قُلْنا: أنه لا يصحُّ خُلْع الرجعية، فحكاية الإِمام وغيره عن الأصحاب -يرحمهم الله- أنَّه يقع الطلاق رجْعياً، إذا قبلت، كما في السفيهة.

ولو خالع المرتدة المدخولَ بها، فهو موقوف إن عادت إلى الإِسلام قبل انقضاء العدَّة، تبين صحة الخُلْع، ولزوم المالُ المُسَمَّى وإلاَّ تبين أن الخُلْع باطلٌ وأن النكاح قد انقطع من وقت الردة، وكذا الحكم لو ارتد الزوج بعد الدخول، أو ارتدا معاً ثم جرى الخُلْع، وكنا لو أسلم أحد الزوجين الكافرين بعد الدخول، ثم تخالَعَا وأطلق في "التَّتِمَّة" القوْلَ بأنَّه لا يصح الخُلْع بعْد تبديل الدَّيْن, لأن الخُلْع فيه معنى المعاوضةِ، والمعاوضةُ تستدعي الملْك في المعقود عليه، وهي كالزائلة عن ملْكه؛ ولذلك يحكم بالفُرْقَة من وقت التبديل إذا لم يجمْعهما الإِسْلام في العدة، وهذا يقتضي إعلام قوله في الكتاب: "وَيَصِحُّ خُلْعُ المُرْتَدَّة إِنْ عَادَتْ إِلَى الإِسْلاَم قَبْلَ العِدَّةِ" وإلى الخلاف أشار في "الوسيط" بقوله: "وَلَهُ (?) التَّفَاوُتُ إلَى وَقْفِ العُقُودِ" والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكنُ الرَّابعُ: العِوَضُ): وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونُ مَعْلُوماً مُتَمَوَّلاً، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَسَدَ الخُلْعُ وَنَفَذَت البَيْنُونَةُ بِمَهْرِ المِثْلِ، وَإِنِ اخْتَلَعَتْ بِخَمْرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ لَزِمَ مَهْرُ المِثْلِ فِي قَوْل، وَقِيمَتُهُ فِي قَوْل، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ بِالدَّمِ وَقَعَ الطَّلاَقُ رَجْعِيّاً لأنَّهُ لا يُقْصَدُ، وَالْمَيْتَةُ قَدْ تقْصَدُ فَهِيَ كَالْخَمْرِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: عِوَضُ الخُلْع سبيلُه سبيل الصَّدَاق، فلا يتقدر، ويجوز أن يكون قليلاً وكثيراً، عَيْناً ودَيْناً، ويشترط فيه أن يكون معلوماً متموَّلاً مع سائر شرائط الأعواض، كالقُدْرة على التسليم، واستقرار الملْك وغيرهما وتفصيله بصُوَرٍ إحداها: لو خَلَع على مجهول، حَصَلت الفُرْقَة، وكان الرجوعُ إلى مَهْر المثل (?)، أما حصول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015