قال الرَّافِعِيُّ: لا شك أنَّ الخُلْع يجْري بين اثنين، وفيه عَوضٌ ومُعَوَّض، وله صيغةٌ يعقد بها [فهذه خمسة أركان، والباب معقود] لبيانها الأوَّل: الزَّوْج وهو المُوجب ابتداء، والمجيب لسؤال الطَّلاَق بناءً، ويشترط أن يكون ممن ينفذ طلاقُه، فلا يصحُّ خُلْع الصبي، والمجنون، ويصح من المَحْجُور عليه، بالفَلَس والسَّفَه، سواءٌ أذِنَ الولي أو لم يأذن، وسواء كان العِوَض قَدْرَ مهر المثل، أو دُونَه، فإنَّ ذلك لا يزيد على الطلاق مَجَّاناً، وطلاقها مَجَّاناً نافذ، لكن لا يجوز للمختلع تسليمُ المال إلى السفيه، بل يسلمه إلى الوليِّ، فإن سلم إلى السفيه وكان الخُلْع على عين مال، يأخذها الوليُّ من يده، فإن تَرَكَها في يده حتى تَلفَ بعد العلْم بالحال، ففي وجوب الضَّمَان على الوليِّ وجهان: حكاهما (?) الحناطي، وإنْ تلف في يد السفيه، والوليُّ لا يعلم التسليم، فيُرْجَعُ على المختلع بمهر المثل في أظهر القولين وبقيمة العين في الثاني؛ لأنَّه حصل التلف قبل الوصول إلى مستحق القبض، وإن كان الخُلْع على دَيْن، فيرجع الوليُّ على المختلع، بالمسمى؛ لأنَّه لم يجر قبْضٌ صحيح، تحصلى به البَرَاءة، ويسترد المختلع من السفيه، ما سلمه إليه، فإن تلف، فلا ضَمَان عليه؛ لأنه الَّذي ضيَّع مالَه بالتسليم إليه، فصار كمَنْ باع من السفيه شيئاً وسلَّمَه إليه، فَتَلِفَ عَنْده، وهذا كلُّه فيما إذا كان التسليمُ إلى السفيه بغير إذْن الوليِّ، فإن كان بإذنه ففي الاعتدادِ بِهِ وجهان عن الداركي، وفي "المُجَرَّد" للحناطي، تعرض للوجهين وترجيح لوجه الاعتداد (?).
ويصحُّ خُلْع العبد، وإن لم يأذَنِ السيد، وكان العِوَضُ دون مَهْر المثل، ويدخل العِوَض في ملك السيد (?) قهراً كأكسابه، على ما مَرَّ في باب مداينة العَبِيد، والمختلعُ لا يسلَّم المال إليه، بل إلى السَّيِّد فإن سلمه إليه، فعلى ما ذكرنا في السفيه، إلاَّ أن ما يَتْلَفَ في يد العبد، يطالبه المختلع بضمانه، إذا أعتق, لأن الحَجْر على العَبْد؛ لحَقِّ السيد، فيقتضي نفي الضمان ما بقي حق حجر السيد، والحَجْر على السفيه لِحَقِّ نَفْسه،