الامتناع من الكَلاَم، لا يحرم، إذا لم يَكُنْ على قَصْدِ الهِجْرَانِ؛ لكنَّه إِذا قَصَد الهجْرَان يجوز أن يثبت التَّحْرِيم؛ أَلاَ تَرَى أن الشَّيْء الَّذي يمتنع على قصْد الحِدَاد قد يحرم وإن كان لا يحرم لو امتنع لا على هذا القصد، وقد حكي عن النص أنَّه لو هَجَرَها بالكلام لم يَزِدْ على ثلاثَةِ أيَّامٍ، فإن فعل أَثِمَ (?)، وهذا ترخيص في هِجْرَان الكَلاَم بالقدر المَذْكُور، وتأثيم فيما زاد عَلَيْهِ، وأما الضَّرْب فهُوَ ضَرْبُ تأديب وتعزير، وَقَدْره يتبيَّن في بابِهِ -إن شاء الله تعالى- وينبغي ألا يكون مُبَرِّحاً ولا مُدْمِياً وألاَّ يقع على الوجه، والمقاتل إذا أفضى إلى تَلَفٍ، وجب الغرم؛ لأنَّه تبين أنَّه إتْلاَف لا إصْلاَح.

وقَوْلُهُ في الكتاب: "بِخِلاَفِ الولِيِّ فَإِنَّهُ يُؤَدِّبُ الطِّفْلَ لاَ لِحَظِّ نَفْسِهِ" ظاهر في أن الوَلِيَّ لا غرم عليه إذا تَوَلَّدَ مِنْ ضَرْبِهِ للصَّبِيَّ تَلَفٌ، لكنه غَيْر مساعد عَلَيْه، كما سيأتي في موضعه -إن شاء الله تعالى- نَعَمْ، ذَكَرُوا أن الزَّوْج وإنْ جاز لَهُ الضَّرْب فالأَوْلَى أن يَعْفُوَ ويُعْرض عنه والوليُّ لا يعرض عن ضرب التأديب عند الحاجة، فإن المَصْلَحَةَ تَرْجِع إلى الصَّبِيِّ، وقد وَرَدَ في الخَبَر النَّهْيُ عن ضَرْب الزوجات، وأشار الشَّافعي -رضي الله عنه- إلى احتمالَيْنِ:

أحدهما: أنَّه منسوخٌ إما بالآية أو بما ورد من الإِذن بضربهن.

والثاني: حمل النَّهْي على الكراهية، أو على أن الأَوْلَى التحرُّزُ عنْه ما أمْكَنَ، وقَدْ يحمل المَنْع على الحَالَةِ الَّتي لم يوجَدِ السَّبَب المجوز للضرب (?)، إذا عرف ذلك فَلِتَعَدِّي المرأة ثَلاَث مَرَاتِبَ:

إحْدَاها: أن يُوجَدَ مِنْهَا لأمارات النُّشُوزِ قَوْلاً أو فِعْلاً، فالْقَوْلُ مثْل أن تُجيبَهُ بالكَلاَم الخَشِنِ والقَبِيح بَعْد ما عَهِدَ منْها خلاَف ذلك والفِعْل مثْل أن يجد منْها إعراضاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015