يسافر ببعضهن دون بعض. وأقواهما -وبه أجاب صاحب "التهذيب" وأبو الفرج السرخسي وغيرهما (?) - المَنْعُ؛ لما فيه من التخصيص والتفضيل، والمسافرة ببعضهن إنما تكون بالقُرْعَة والقُرْعَة تدفع وحشة التخصيص، فإن أقرع بينهن؛ ليدعو من خرجت القرعة لها إلى منزل وجب أن يجوز (?) ثم الوجهان فيما إذا لم يكن للتخصيص عذر فإن كان؛ كما إذا كان مسكن إحداهما أقربَ إليه، فمضى إليها، ودعا الأخرى؛ ليخفف عن نفسه مؤنة السير فعليها الإِجابة، وكذا لو كانت تحته عجوز وشابَّة، فحضر بيت الشابة؛ لكراهية خروجها، ودعا العجوز لزمها الإِجابة، وإن أبت بطل حقها، وإن كان يدعوهن إلى منزله، فمنع بعضهن شُغْلٌ لها بطل حقها، وإن منعها من الإِجابة مرض، قال القاضي ابن كج: عليه أن يبعث إليها من يحملها إليه، ولو أقام عند واحدة منهن، ودعا الباقيات إلى بيتِها لم يلزمْهُنَّ الإِجابة؛ لأن إتيان بيت الضرة شاقٌّ عليهن.

وقوله في الكتاب: "وإن كان يساكن واحدة ويدعو الباقيات ... " إلى آخره: قد يُشْعِر ظاهره بهذه الصورة لكن لا خلاف فيها، وإنما المراد الصورة السابقة، وفي هذه الصورة شيء آخَرُ وهو الجمع بين ضرتين في مسكن واحد، وذلك ممتنع بغير رضاهن، ولكن كان في ليلة واحدة.

الرابعة: سفر المرأة إن كان مع الزوج فسيأتي الكلام فيه، وإن سافرت وحدها، فإن لم يأذن الزوج فهي ناشزة (?)، وإن أَذِنَ، فإن كان السفر في غرضه لم يسقط حقها، وقضى لها من حقوق الباقيات، وإن كان لغرضها كحج، أو تجارة ففيه قولان:

القديم: وبه قال أبو حنيفة: أنه لا يسقط حقها؛ لقيام الإِذن ولو لم يأذن لها (?) لما خرجت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015