قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيجُوزُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَالْتِقَاطُهُ فُعِلَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ هُوَ كَالصَّيدِ من يُثَبِّتْ عَلَيْهِ يَدَهُ لَمْ يُسْلَبْ مِنْهُ، وَمَنْ وَقَعَ في ذَيْلِهِ وَقَدْ بَسَطَهُ لِذَلِكَ يُؤْخَذِ مِنْهُ، فَإِنْ سَقَطَ كَمَا وَقَعَ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ لَمْ يَبْسُطهُ لِذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجوز نَثْرُ السُّكَّر وِالجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، والتَّمْرِ، ونحوها في الإِمْلاَكَاتِ، وهل يُكْرَهُ؟ فيه وجهان:

أحدهما: ويُحْكَى عن مالك نعم؛ لأنه يُؤْخَذُ باخْتِلاَسٍ، وانْتِهَابٍ، وقد يُؤَدِّي إلى الوَحْشَةِ والعَدَاوَةِ، ولأنه قد يَأْخُذُهُ من غَيْرُه أَحَبُّ إلى صاحب النِّشَارِ، وهذا هو المذكور في طَائِفَةِ من كُتُبِ الأصحاب منها "الشامل" و"التتمة".

وأرجحهما: أنه غير مَكْرُوه، لكن الأولى (?) تَرْكُهُ، وقد رُوِيَ عن جَابِر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حَضَرَ في أَمْلاَكٍ، فأتى بأَطْبَاقٍ عليها جَوْزٌ وَلَوْزٌ تَمْرٌ، فنثرت فقبضنا أيدينا، فقال: مالكم لا تأخذون، فقالوا: لأنك نَهَيْتَ عن النُّهْيَ فقال: "إِنَّمَّا نَهَيْتُكُمْ عَنْ نُهْبَى العَسَاكِرِ، خُذُوا عَلَى اسْمِ اللهِ -تَعَالَى- فَجَاذَبَنَا وَجَاذَبْنَاهُ" (?)، ويروى عَدَمُ الكراهية عن أبي حَنِيْفَةَ، وابن المنذر، وعن أحمد روايتان كالوجهين، ووضع الحناطي وأبو الفَرَجِ الزاز الخِلاَفَ في الاسْتِحْبَاب، فيخرج من الطريقين ثَلاثَةُ أوجه مُسْتَحَبٌّ، مَكْرُوهٌ، وهذا ولا ذاك.

والْتِقَاطُ النِّشَارِ جَائِزٌ، لكن تركه أَوْلَى، إلا إذا عرف أن النَّاثِرَ لا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ، ولم يقدح الالْتِقَاطُ في مُرْوءَتِهِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015