عَلَيْهِمَا لَزِمَ وَقَدَّرْنَا تَخَلَّلَ طَلاَقٍ بَعْدَ المَسِيسِ، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُبَيِّنَ جَرَيَانَ المُسْقِطِ بِإِظْهَارِ طَلاَقٍ قَبْلَ المَسِيسِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ادعت على رَجُلٍ أنه نَكَحَهَا يوم الخَمِيسِ بألف، ويوم السبت بألف، وطالبته بالأَلْفَيْنِ ليُسْمَعُ دعواها؛ لإِمكان ثُبُوتِ المَهْرَيْنِ بأن يَطَأَهَا في النِّكَاحِ الأول، ويُخَالِعُهَا، ثم يَنْكِحُهَا في اليوم الثاني، وإذا ثبت العَقْدَانَ، إما بالبَيِّنَةِ، أو بإقراره، أو بيمينها (?) بعد نُكُولِهِ، لزمه الألْفَانِ، ولا يحتاج إلى التَّعَرُّضِ لِتَخَلُّلِ الفُرْقَةِ، ولا لحصول الوَطْءِ في النكاح الأول.
أما تَخَلُّلُ الفُرْقَةِ، فلأن جَرَيَانَ العَقْدِ الثاني يَدُلُّ على حصولها، فلو قال الزوج: كان النِّكَاحُ الأول بحاله، وإنما جَدَّدْنَا لَفْظَ العَقْدِ إِشْهَاراً لم يُلْتَفَتْ إلى قوله، كما لو قال لغيره: بعْ هذا العَبْدَ مِنِّي، ثم ادَّعَى أنه ملكه لم يُلْتَفَتْ إليه ويجعل الاسْتبَاحَةُ إقراراً له بالمِلْكِ، ولا يُعْتَدُّ بقوله: إِني طلبت منه صُورَةَ البَيْعِ، وأما التعرض لِلْوَطْءِ، فلأن المَهْرَ المُسَمَّى في كل عَقْدٍ يَجِبُ بذلك العَقْدِ، والأصل اسْتِقْرَارُهُ إلى أن يدعي الخَصْمُ مُسْقِطاً، فإذا ادَّعَى أنه لم يُصِيبْهَا في النِّكَاح الأول صُدِّقَ بيمينه؛ لأن الأَصْلَ عَدَمُ الإِصَابَةِ، ولا يطالب من المَهْرِ الأَوَّلِ إلا بالشَّطْرِ، وتكون عنده بِطَلْقَتَيْنِ.
ولو ادعى في النِّكَاحِ الثاني الطَّلاَقَ قبل الإِصَابَةِ أيضاً صُدِّق بيمينه وقَنِعَ منه بِشَطْرِ المهر الثاني أيضاً، وشَبَّهُوهُ بأن المُودِعَ بعد ثبوت الإِيدَاعِ مُطَالَبٌ بالوَدِيعَةِ، ومَحبِوسٌ إليها ما دام يسكت فإذا ادَّعَى تَلَفاً أَوَ ردّاً صُدِّقَ بيمينه، وانْقَطَعَتِ الطّلْبَةُ وهل تحلف المَرْأَةُ على نَفْي ما تقوله إذا ادعى جريان لفظ العقد من غَيْرِ فُرْقَةٍ، أو تُصَدَّقُ بغير يَمِينٍ؟ قال في "العدة": فيه وجهان:
أصحهما: الأول.
ولو ادَّعَى على غيره أنه اشْتَرَى منه كذا يوم الخَمِيسِ بألف، ثم يوم الجُمُعَةِ بألف، وطَالَبَهُ بالثَّمَنَيْنِ، لزمه الثمنان إذا أثبت العَقْدَيْنِ، كما ذكرنا في المَهْرَيْنِ.
وقوله في الكتاب: "وقدرنا تَخَلُّلَ طلاق بعد المَسِيسِ" يعني أن النَّكَاحَ الثاني يَدُلُّ