المُسْتَحَبُّ: فقد قال في "المختصر": اسْتُحْسِنَ قَدْرُ ثلاثين درهماً.

وعن القديم أنه يمتعها ثَوْباً بِقَدْرِ ثلاثين دِرْهَماً.

وعن بعض كتبه: أنه يمتعها بخادم وإلاَّ فَبِمِقْنَعَةٍ، وإلاَّ فَبِقَدْرِ ثلاثين دِرْهماً، وليس ذلك اخْتِلاَفَ قول، بل نزلها الأصحاب على دَرَجَاتِ الاسْتِحْبَابِ، وقالوا: أقل القَدْرِ المُسْتَحَبِّ ثلاثون دِرْهَماً، وحملوا المِقْنَعَةَ على الصّنْف الذي يزيد قِيمَتُهُ على ثلاثين، وفي بعض الشروح نص قول آخر، وهو أنه يُمَتِّعُهَا الخَادِمَ، إن كان مُوسِراً، وإن كان مُعْسِراً فبمقنعةٍ، وإن كان مُتَوسِّطاً فبقدر ثلاثين درهماً، والمِقْنَعَةُ في هذا النص مَحْمُولَةٌ على النَّازِلَةِ التي لا تبلغ الثلاثين، وذِكْرُ الثلاثين قد وَرَدَ عن ابن عُمَرَ، وابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم-. وأما الواجب، فإن تَرَاضَيَا على شيء فذاك.

وحكى الحناطي وَجْهاً أنه ينبغي أن يُحَلِّلَ كل واحد منهما صَاحِبَهُ، فإن لم يَفْعَلا لم تَبْرَأْ ذِمَّةُ الزَّوْجِ، ولها رَفْعُ الأَمْرِ إلى الحَاكِمِ ليقدر مُتْعَةً، والظاهر الأول، وإن تَنَازَعَا فوجهان:

أحدهما: أن الوَاجِبَ أَقَلُّ ما يُتَمَوَّلُ، ويكفي ذلك متْعَةً، كما أنه يَجُوزُ أن يكون صَدَاقاً.

وأصحهما: أن الحاكم يُقَدِّرُهُ باجتهاده؛ لقوله تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وبم يعتبر الحاكم وإلام ينظر فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: وبه قال أبو إسْحَاقَ أن الاعْتِبَار بحال الزَّوْجِ للآية.

والثاني: بحال المَرْأَةِ؛ لأن المُتْعَةَ كالبَدَلِ للمهر، ألا ترى أن المُتْعَةَ في المُفَوِّضَةَ إنما تَجِبُ إذا لم يجب نِصْفُ المَهْرِ، والمهر مُعْتَبَرٌ بحالها وعَصَبَاتِهَا، فكذلك المُتْعَةُ.

والثالث: أنه ينظر إلى حالهما مَعاً؛ قال في "الوسيط"؛ وهو الصَّحِيحُ (?)، ورَجَّحَهُ غيره أيضاً، وهو ظَاهِرُ لفظ "المختصر"، وهل يجوز أن تزيد المُتْعَةُ على شَطْرِ المَهْرِ فيه وجهان:

أحدهما: ويحكى عن صاحب "التقريب" لا؛ لأنها بَدَلٌ عن شَطْرِ المَهْرِ، فلا يزاد عليه.

وأظهرههما: نعم، لإِطْلاَقِ الآية، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" وغيره (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015